أمّا الفقير فهو أسعد النّاس عيشاً ، وأروحهم بالاً ، إلا إذا كان جاهلاً مخدوعاً يظنّ أن الغنيّ أسعد منه حظاً ، وأرغد عيشاً ، وأثلج صدراً ، فيحسده على النعمة التي أسبغها الله عليه ، ويجلس في كسر بيته جلسة الكئيب المحزون ، يصعّد الزفرة فالزفرة ، ويرسل العبرة العبرة.
ولولا جهله ، وبلاهة عقله ، لعلم أن رُب صاحب قصر يتمنى كوخ الفقير وعيشه ، ويرى أن ذلك السراج الضعيف الذي لا يكاد ينير نفسه أسطع ذبالاً ، وأكثر لألاءً من تلك الشموع الباهرات التي تأتلق بين يديه ، وأن تلك الحشيّة من الشعر أو الوبر أنعم ملمساً ، وألين مضجعاً من وسائد الحرير ، ونضائد الديباج.
[النظرات للمنفلوطي]
آخر من قام بالتعديل الكامل; بتاريخ 30-08-2008 الساعة 07:41 PM.
|