ما رأيكم ـ ر عاكم الله ـ في الانتساب للجماعات الإسلامية ؟
المسلمون جماعة واحدة وحزب واحد وهم الذين على الكتاب و السنة ، ولكن هذه الجماعات الحادثة هي التي أضعفت الدعوة وفرقت الأمة إلى فرق وأحزاب ، فهذه جماعة التبليغ وهذه جماعة السلفيين ـ الذين يتسمون بالسلفيين زورا ـ وهذه جماعة الإخوان وغيرها ، والذي يوافق الكتاب والسنة ومن هذه الجماعات هو الحق أما من حيث التفرق والتجزء والإفتراق فهذا شر حدث من أعداء المسلمين ، لأن أعداء الإسلام يدركون أن الإسلام الصحيح خطر عليهم لذلك هم يبذلون جهودا ليفرقوا بين المسلمين حتى لا يقوم للمسلمين قائمة ، وهذا التفرق لا يجوز وهو يضعف الأمة ، ويجب على الجميع الإجتماع على الكتاب والسنة والنصرة بين المسلمين أما كل جماعة تسب الأخرى وتعيرها فهذا خطأ ولا يجوز ، قال تعالى : " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا .." وقال تعالى : " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " واتحاد المسلمين هو أصل القوة والعزة وهو سبب النصر .
هل قام العلماء في هذا الزمان بواجبهم تجاه الله تعالى ودينه ؟؟
علماء الشريعة أوجب الله عليهم واجب وحملهم أمانة وهو أن يقولوا الحق ولا يخافوا فيه لومة لائم ، هذا واجب على علماء الشريعة مهما كان منصب العالم ومهما كانت مكانته ، يجب عليه أن يقوم بهذا الواجب وأن يقوم بهذا الأمانة ، يجب الرد على أعداء الإسلام وبيان دين الله وإنكار المنكرات و إصلاح الفساد والدفاع عن الشريعة وأحكامها وأن يكون هذا همهم ، ولا يحل لهم تركُ شيئ من ذلك محاباة لفلان أوإرضاء لفلان بل يكون هدفهم رضا الله سبحانه ورضى المسلمين لقوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ : " من التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ) " فحمل العلماء ثقيل والأمانة التي حملوها عظيمة ولا ينظروا إلى حاكم ولا كبير ولا صغير ولا عامة لا خاصة بل يصدعوا بالحق رغم كل كاره له أما إذا تقاعسوا وتركوا ما أوجبه الله عليهم بتأويل أو ما أشبه ذلك يريدون إرضاء فلان أو فلان فهم خاسرون ولم يقوموا بما أوجب الله عليهم من الأمانة والتكاليف الخاصة التي حملهم الله إياها والإنكار على من خالف شرع الله حاكم أو محكوم ، فينبغي للعلماء أن تكون مواقفهم مع الله فلا يبالوا بأحد سواه ، هذا الذي يجب ، كما يجب عليهم بذل النصح لولاة الأمور ، فالله منّ عليهم بعلم وتفضل عليهم به وجعلهم من حملته فعليهم أن يؤدوا واجبه ويقوموا بما فرض الله عليهم فيه .
يدخل بعض أهل الخير والصلاح للبرلمانات حتى يخففون من الشر الذي قد يحصل إذا هم تركوا هذا المكان ، فما رأيكم في الدخول في البرلمانات ؟ وهل من دخل وهو ينوى الإصلاح يعذر بهذا ويكون مجتهدا ؟
البرلمانات قائمة على القوانين الوضعية كما لا يخفى ، والتعامل مع القوانين الوضعية محرم لا يجوز ، والذي يحكّم القوانين كافر ، والذي أراه أن الدخول في البرلمانات لا يجوز ، ولكن بعض العلماء قال : إذا كان من الممكن أن يكون الأغلبية في البرلمان للإسلاميين فيترتب عليه أن يكون وجودهم مؤثر ويبطل المشاريع العلمانية جاز ذلك .
سماحة الشيخ حمود العقلاء الشعيبي زكيتم حكومة طالبان الاسلامية تزكية مطلقة ألا ترى يا سماحة الشيخ أن هذا فيه تعجل حيث إن الأمر لم يستتب لهم بعد ولعلهم أن يظهروا أمرا آخر إذا تمكنوا من الدولة كما فعل غيرهم ؟
أنا أرى أن الأمر استتب لهم وأن حكمهم عام على افغانستان ولم يخرج على حكمهم إلا القليل من أرض أفغانستان ، وقد زكيتهم لأنهم يعلنون أن الشريعة هو دستورهم الوحيد ويحاربون كل ما عدا ذلك ، بل نرى أن النصارى واليهود والملاحدة وأعوانهم يضربون الحصار الإقتصادي على أفغانستان ويحاربونها فلماذا هذه الحرب ؟؟ لأنهم يحكمون كتاب الله وسنة نبيه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ في كل شيء وهذا أكبر دليل على أن طالبان دولة إسلامية رشيدة تطبق أحكام الله ، ولا أدل على ذلك من حملتهم على أصنام بوذا( ) وتهديمها مع معارضة دول الكفر وتهديدهم لها ـ وكذا المستسلمين الذين نصروا الكفار على إخوانهم المسلمين وأفتوا بحرمة هذا الهدم ـ ونحن نحكم بأنهم دولة اسلامية بما يظهرون لنا .
ولكنهم يحمون القبور ومزارع الأفيون ؟
الذي ثبت لنا أنهم بدأوا بإزالة القبور ومنع عبادتها وإزالة مزراع الأفيون ، وأقاموا بدل الأفيون مزارع القمح .. ثم لماذا لا ننظر للدول التي تحمي القبور ومدارسها صوفية وتدعوا للشرك ؟ لماذا لا نقول عن هذه الدول إنها غير إسلامية ؟ كل الدول الإسلامية فيها الحق والباطل
بعض الناس قد يقع في كفر ويعتذر أنه يخشى من الإكراه ، فما الفرق بين الإكراه وخوف الإكراه ؟؟
الإكراه نوعان الأول متحقق منه المكروه والآخر يغلب على الظن أنه يحصل ، أما كونه يغلب عليه الظن فهذا لا يبيح له أن يكفر ، أما إن تحقق مئة في المئة أنه إذا لم يقل الكفر قتل مثلا ، فهذا يباح له أن يقول الكفر اذا كان يكرهه في قلبه .
بعض حكومات الدول الإسلامية تقول لو طبقنا الشريعة نخشى أن نقتل أو نقاتل فهل هذا عذر في ترك تطبيق الشريعة واستبدالها بالقوانين ؟؟
قال الله تعالى : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ " فهم أعتذروا فقالوا : " نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ " ، فلو أن الحكومات وقفوا مع الله وصدقوا مع الله وتركوا دول الكفر ونبذوا معاملتهم وعلاقاتهم معهم واستعانوا بالله وبما أعطاهم من القوة في المال والبلدان والرجال لانتصروا على أعداء الله الكَفَرة ولنا مثال يبين لنا هذا : فهذا الإتحاد السوفيتي قاتل أفغانستان والذين قارعوهم أناس قليلو المال والسلاح ومع هذا أخرجوهم أذلاء حقراء بل تسببوا في تفكك دولتهم فأصبحت أثرا بعد عين ، فهل الأفغان أكثر وأقوى من دول الإسلام مجتمعه ؟؟ لا ، ولكن الجبن والخور وحب الدينا وملذاتها هو الذي يجعلهم يحكّمون القوانين ويتركون تحكيم الشريعة .
ما حكم ترك تحكيم الشريعة ؟
من حكم القوانين وأعتمد عليها وأبعد الشريعة وأزاحها عن مجال الحكم فهذا كافر لقوله تعالى : "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ " جاء المتحذلقون من مرجئة العصر بل من مرجئة الجهمية قبلهم وقالوا : إن هذه الأية لا تدل على كفر من أبعد الشريعة عن التحكيم لأنها نزلت في اليهود ولسنا مخاطبين فيما خوطب به اليهود ، وما عرف هؤلاء القاعدة الأصولية التي تقول إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والآية هنا عامة فلفظ " مَنْ " عام لأنه من صيغ العموم فهو عام لليهود وغيرهم .
وقالوا : إن ابن عباس قال كفر دون كفر وهذا ليس ثابت عن ابن عباس فهذا من رواية هشيم بن حجير عن ابن عباس وهشيم معلوم أنه متكلم فيه ومطعون فيه ، وأيضا أن طاوس روى عنه ابنه عبدالله ـ وهو ثقة وهو أعرف بأبيه من هشيم أن ابن عباس رضي الله عنه قال : هي به كفر ، والمهم أن رواية هشيم عن ابن عباس كفر دون كفر ساقطة لا يحتج بها بمقتضى هذا .
ثم قوله سبحانه وتعالى : " فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " هذه الآية صريحة أصرح من التي قبلها أقسم سبحانه أنه لا يحصل الإيمان من هؤلاء حتى تحصل ثلاث غايات :
أولا : التحكيم .
ثانيا : التسليم لهذا الحكم .
ثالثا : الرضى به وقبوله .
فهل هذه الثلاثة موجوة في القوانين التي وضعها البشر الكفرة الفجار ؟؟
إذن الذي يحكم القوانين ويزيح الشريعة كافر لا شك في كفره بكلام الله وكلام رسوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وكلام السلف الصالح .
الله سبحانه أرسل رسوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بأمور أولها وأهمها الدعوة إلى عبادته سبحانه وترك الإشراك به ، ثانيا الدعوة إلى شريعته وتحكيمها والحكم بمقتضاها ، فالذي يعبد معه غيره فهذا مشرك بالله في عبادته ، والذي يحكّم غيره مشرك بالله في حكمه قال تعالى : " .. وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا .. " الآية ، وهذا نص ظاهر وقال تعالى : " إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" وهذا حصر ومن أبلغ طرق الحصر النفي والإستثناء هذه أمور ظاهرة وقد قال تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا(60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا " فالذين يحكمون القوانين ثم يقولون نحن مسلمون فهؤلاء يزعمون مثل زعم المنافقين ، فالحاصل أن الرجل الذي يرفع حكم الله ورسوله عن محاكمة ودوائره ثم يحل محلها القوانين الوضعية التي وضعها الكفار بدلا من حكم الله ورسوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ فهذا كافر لا شك في كفره ، كافر مهما كان ومهما قال المرجئة وأذنابهم الذين يريدون ارضاء الطغاة من الحكام الذين يحكمون القوانين ، يريدون أن يرضوهم بأن فعلهم هذا ليس كفرا ، الذي يحكم القانون كيف يكون مسلما هذا دينه دين من وضع له القوانين وشرعه شرع من وضع له القوانين وقد نقل ابن كثير ـ رحمه الله ـ الإجماع على كفر من حكم غير الشريعة .
لو حدثتمونا عن مؤلفاتكم ؟
ألفت عددا من البحوث أولها : بحث في الإمامة العظمى والثاني : البراهين المتظاهرة على حتمية الإيمان بالله واليوم الآخرة والثالث : القول المختار في حكم الإستعانة بالكفار وكان لي مشاركة قديمة مع الشيخ عبدالمحسن العباد والشيخ عطية سالم في كتاب تيسير الوصول .. وعندي مجموعة من الفتاوى تصل لمئة فتوى فيها نقد لبعض الأمور الواقعة وبيان لبعض الأحكام .
ما حكم ترك الجهاد الذي نراه في هذا الزمان واتهام المجاهدين أنهم ارهابيين ؟
ترك الجهاد كفر لقوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ …. حتى تراجعوا دينكم " فهذا يدل على أن ترك الجهاد كفر ـ والعياذ بالله ـ ثم إن الأمة إذا تركت الجهاد وأعرضت عنه وتركت الأعداء يعيثون في بلاد المسلمين الفساد ثم لم تقم ولم تجاهد فهؤلاء خرجوا عن دينهم لأن الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ قال : حتى يراجعوا دينهم ، فالجهاد لم يوصم من قبل المسلمين في العصور السابق بأنه إرهاب أو اعتبروا المجاهدين إرهابيون والسبب لا يخف على من له أدني بصيرة .
الشعوب العربية والإسلامية لا تستطيع أن تظهر دينها وعقيدتها وهي واقعة تحت ضغوط ؟
نحن نعلم أن الحكومات العربية والإسلامية لا تقول ما تريد بل تقول ما يريد غيرها فكثير من الحكومات لا تجرؤ على أن تقول ما تريد ، وبعضها لا يريد أن يقول إلا ما يقال لها ، ولكن هناك دول عربية والإسلامية تحب الخير ولكنها لا تقدر عليه ولا تجرأ عليه لأن غيرها لا يريد منها أن تقول غير ما يريد الكفار ومن المعلوم أن كثيرا من الدول الإسلامية تدور في فلك الدول الكافرة الصديقة كما يقال فهي تخش غضبها وتخش سخطها وتبحث عما يرضيها فهي لا تقدر على أن تقول كل ما تريده ، ولكن لو أن الأمر بيد هذه الدول وكانوا أحرارا واتحدوا لما عجزوا على هزيمة اليهود وهم بهذه القوة الجغرافية والمالية .
في ختام هذا الحديث الشيق لا يسعنا إلا أن ندعوا للشيخ حمود بوافر الصحة والعافية وأن يمد في عمره على عمل صالح وأن يثبته وأمثاله من العلماء على قول كلمة الحق والتي لا يخشى قائلها في الله لومة لا ئم ..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى له وصحبه اجمعين ..
حررت في نهاية شهر ذي الحجة عام 1421هـ
http://d1d.net/1/seid/sahwah/hmood/h34.htm
موقع الشيخ الرسمي :
http://aloqla.com/mag/index.php
----
هذه الإضافة من الأخ / صائد الفوائد وفقه الله