المرحلة الثالثة .. :
خلاصة ما جاء في شرح حديث عليّ رضي الله عنه وتفسير سورة الطارق عن أسباب الفتن وحلها ، وما جاء في تعريف بعض الألفاظ .. وكيفية البحث عن هذه الفتن في القرآن الكريم .. يتطلب منا أن نضع في الحسبان قبل عملية البحث على عدة أمور لا بد أن تكون في الآيات التي سوف نستخرجها من القرآن الكريم ومنها .. :
1 – أن يكون في مضمون الآيات رسالة .. فقد جاء في حديث عليّ رضي الله عنه .. ((خبر من بعدكم ))
2 – مضمون الرسالة .. ((من علم علمه سبق))
3 – الإستدراج من الله عز وجل .. ففي سورة الطارق (( وأكيد كيدا )) .
4 – عملية كيد ومكر .. ففي سورة الطارق .. (( إنهم يكيدون كيدا ))
5 – عظم الكيد والمكر .. ففي سورة الطارق قسم عظيم (( والسماء ذات الرجع * والأرض ذات الصدع * إنه لقول فصل * وما هو بالهزل ))
وفي الحديث الشريف .. (( ستكون فيكم فتن كقطع الليل المظلم ))
6 – الوعد الإلهي .. فقد جاء في سورة الطارق ((فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)) وفي الحديث .. (( من قال به صدق ))
وفي سورة إبراهيم تحديداً .. تناولت السورة الكريمة موضوع العقيدة في أصولها الكبيرة "الإِيمان بالله، الإِيمان بالرسالة، الإِيمان بالبعث والجزاء" ويكاد يكون محور السورة الرئيسي "الرسالة والرسول"
وجاء في آخر اياتها وتم تحديدها من الآية رقم 42 إلي الآية رقم 47 .. ما يطابق الشروط الموضحة أعلاها والتي أستخرجناها من سورة الطارق وحديث عليّ رضي الله عنه عن أسباب الفتن وحلها .. ويتفق مع ما أتحدث عنه .. :
1 – مضمون سورة إبراهيم يتكلم عن العقيدة .. والرسالة والرسول .. وما يقابله في الحديث .. (( خبر من بعدكم / من علم علمه سبق/ من قال به صدق)) .
2 – مضمون الرسالة ..
في سورة إبراهيم .. (( وأنذر النّاس .. )) .. وقد أنذر رسول الله صلى الله عليه وسلم النّاس عندما قال في القرآن العظيم ..: .. (( خبر من بعدكم ))
3 – الإستدراج ..
في سورة إبراهيم .. (( ولا تحسبنّ الله غافلاً ... )) .. وفي سورة الطارق .. (( وأكيد كيدا )) .. وهذا يؤكد أن نهاية سورة الطارق كانت هي بداية الآيات التي تختص بأسباب الفتن وحلها إن شاء الله ..
4 – الكيد والمكر ...
في سورة إبراهيم .. (( وسكنتم في مساكن .. )) .. والكيد في سورة الطارق .. (( إنهم يكيدون كيدا )) .. وفي الحديث الشريف .. (( ستكون فيكم فتــن ))
5 – عظم الكيد والمكر ..
في سورة إبراهيم .. (( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال )) .. يقابله في سورة الطارق .. (( والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع )) .. وفي الحديث الشريف .. (( ستكون فيكم فتن كقطع الليل المظلم )) ..
6 – الوعد الإلهي ..
في سورة إبراهيم .. (( فلا تحسبنّ الله مخلف وعده رسله ...))
وفي سورة الطارق كما ذكرنا ((فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً))
وكما قلنا سابقاُ في الحديث الشريف .. (( من قال به صدق )) ..
*- ما يهمنا الآن هو ما جاء في النقطة الرابعة والتي تتعلق بالكيد والمكر حتى نتأكد من أسباب الفتن ونتعرف على حلها والمخرج منها..
قال الله عز وجل .. :
((وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ(45) ))
من هنا تحديداً .. يبدأ البحث الحقيقي عن أسباب الفتن المظلمة .. فهذه الآية سوف توضح لنا كيف تم هذا الكيد والمكر العظيم .. وخصوصاً أنّ الكيد والمكر الآن سوف ينحصر في إستقراء وتتبع وسبر أغوار لفظ .. سكنتم في مساكن .. وبالذات كلمة .. مساكن .. لأنها السبب الرئيسي للفتن والذي سيتضح لنا فيما بعد إن شاء الله..!
وسوف أطرح بعض التساؤلات .. لماذا ذكر لفظ مساكن تحديداً ؟ وما المقصود فيها؟ إذا كان المقصود هو البيوت فقط لماذا لم تكن الآية .. وسكنتم في بيوت الذين ظلموا انفسهم ؟.. وإذا كان المقصود هو الأرض .. لماذا لم تكن الآية .. وسكنتم في أرض الذين ظلموا أنفسهم ؟ .. هل هناك قصد آخر ومعنى آخر لكلمة مساكن وخصوصاً أنها جاءت بالجمع ..؟
جاء في لسان العرب .. :
سكن السُّكُونُ ضدّ الـحركة سَكَن الشيءُ يَسْكُن سُكوناً إِذا ذهبت حركته
أَسْكَنه ..
وبما أنّ الحديث الشريف ينص على أنّ أسباب الفتن والخروج منها موجود في القرآن الكريم .. فهذا يعني أنّ البحث قد يكون في لفظ معين يتطلب البحث والتدقيق فيه من خلال القرآن الكريم نفسه ..
لذا دعونا نتعرف على معنى السكن وكيف يكون؟ وهل له أشكال مختلفة من خلال القرآن الكريم؟ ..:.
فنجد أنّ البيوت سكن .. :
{وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً .......... }النحل80
والأنفس سكن .. :
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا .... }الأعراف189
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ..}الروم21
وقد جاء في لسان العرب .. :
السَّكَنُ الـمرأَة لأَنها يُسْكَنُ إِلـيها
والأرض سكن .. :
وهنا نجد .. قول الله سبحانه وتعالى .. ولنسكننكم الأرض .. أي تحديد نوع واحد فقط من السكن وهو الأرض .. أي أرضهم .. ولم يقل ولنسكننكم مساكنهم .. ليحدد سكن البيوت والأنفس مع الأرض ..
وهي في نفس سورة إبراهيم .. كأن هناك رابط أو إشارة يلمح إلي التدقيق في الآية التي تليها وهي ( وسكنتم في مساكن ..) أنّ السكن سيكون مختلف لأن الأولى جاءت سكن الأرض والأخرى سكن في مساكن .. فتأمل .. !!!
{وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ }إبراهيم14
وعندما يقول سبحانه وتعالى .. مساكن .. بدون تحديد صفة ونوعية السكن .. فهذا يعني بالضرورة والله أعلم.. نوعان من السكن المذكور أو المساكن الثلاث مجتمعة .. البيوت .. الأرض .. الأنفس .. وهو ما جاء في سورة إبراهيم ... :
{وَسَكَنتُمْ ( أيها الظالمون المعتدون ) فِي مَسَـاكِنِ ( بيوت/أرض/نفس) الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ }إبراهيم45 وهذا يعني وجود إعتداء آثم وظالم من قبل عدو غير ظاهر تم بالغدر والحيلة لأن الأنفس لا يسكنها إلا شيطان .. والشيطان لا يستعين به إلا ساحر .. ولأن المخاطب جاء بصيغة الجمع فهذا يعني أنهم .. جيش من السحرة .. ويؤكد هذا .. أنّ الحديث الذي كان جواباً على المخرج من الفتن جاء فيه ذكر للجن ( وهو الذي تنتهه الجن)!
كأنه يشير إلي دور مفترض لشياطين الجن في هذه الفتنة وأنّ لهم دور في سكن الأنفس فتأمل ..!
وهذا ما تثبته هذه الآية الكريمة بالنسبة لتعدد السكن .. :
{وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التوبة72
ففي هذه الآية أختصرت ( مساكن ) في الجنّة .. ذكر كل ما في الجنّة وأصبحت كلمة جامعة لكل أنواع السكن وهي الأرض والنفس والبيوت .
فالأرض هي درجات كل مؤمن في الجنة وأين تكون منزلته
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }الزمر74
والنفس وهي في الجنّة حور العين
{كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }الدخان54
والبيوت هيَّ الغرف أو قصور أهل الجنّة .
{أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً }الفرقان75
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ .. الآية }التحريم11
وما يؤكد أنّ المقصود بلفظ مساكن .. المساكن الثلاثة التي ذكرت وخصوصاً النفس .. هو ما جاء في نفس السورة في الآية 51 في قوله تعالى .. :
{لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }..
سواء من المجرمين أو من الظالمين لـ أنفسهم .. لأن الآيات تشير إلي وجود رابط بين هذا المكر وبين النفس في الآيات نفسها ..
لذا نخلص من ما سبق أنّ ما يتعلق في لفظ .. مساكن .. المذكورة في سورة إبراهيم يعني بالضرورة إجتماع أنواع السكن .. الأرض والبيوت والأنفس ..
وإذا عرفنا كيف يتم السكن في الأرض والبيوت .. يبقى مفتاح الحل .. حل الفتن .. يتوقف على معرفة كيفية السكن للأنفس ؟ .. وهذا يؤكد لنا ما جاء في سياق تعريف لفظ الكيد وأنها حرب وتدبير بباطل فسكن النفس لا يتم إلا بـ إعتداء باطل وخبيث وكيد دنيء .. فلا يسكن الأنفس إلا الشياطين .. إما من خلال مس أو عين أو سحر .. ولكن بما أن اللفظ مساكن .. فهذا يعني أن السكن يشمل الأرض والبيوت والأنفس جميعاً من خلال مجموعة معينة ومحددة .. وهذا العمل لا يقوم به إلا جيش من السحرة دخلوا إلينا في غفلة من الجميع، وسكنوا في الأرض والدور وأسكنوا شياطينهم الأنفس بهتاناً وزور، لغرض خبيث وهو محاربة المسلمين في عقيدتهم ونشر الفتن والفساد بينهم من خلال عمل خفي غفل النّاس عنه .. وهذا ما يبينه الله عز وجل في بداية الآيات التي حصرناها لفهم هذا المكر والتي سأشرحها كاملة .. :
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ( منذ بداية تدبيرهم الباطل ومكرهم ) إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم42
وهذا دليل على أنّ بداية هذا المكر والكيد كانت بغفلة من كل مخلوق وهذا أمر طبيعي .. ولكن الله عز وجل يعلمه .. بل وأنجحه وهيأ له السبل .. حتى يتم إستدراجهم ليقطع دابر القوم الكافرين والمجرمين .. ثم يقول الله عز وجل ..:
((وَأَنذِرِ النَّاسَ ( وقد أنذر عليه الصلاة والسلام في الحديث عندما قال ( خبر من بعدكم )) يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ ( المجرمين وليس الذين ظلموا أنفسهم ) رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ( لأن الجريمة أكبر من كونها ذنب أو كبيرة بل شرك وإعتداء ) أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ{44}))
وكما ذكرنا أعلاها ما يقابل هذا الإنذار للنّاس .. هو ما جاء في الحديث الشريف ..( خبر من بعدكم ) (( من قال به صدق )) وأيضاً (( من علم علمه سبق )) .. وهذا الإنذار والبلاغ موجه لهؤلاء المجرمين الظالمين وأيضاً للظالمين لـ أنفسهم الذين وقعوا ضحية مكر هؤلاء المجرمين وسكن هؤلاء المجرمين في مساكنهم .. وكانوا من قبل أن يعتدوا عليهم قد تعاهدوا على حرب المسلمين وأنّ لا غالب لهم في هذه الحرب لأنها خفية عن كل البشر والمخلوقات وقدراتهم الطبيعية .. وهذا يوضح لنا أنّ هذا الأنذار للنّاس جميعاً .. الظالمين .. والظالمين لـ أنفسهم .. ولكن لأن الظالمين مشركين ومعتدين على الذين ظلموا أنفسهم .. جاءوا لغرض الإعتداء والظلم بغير حق والسكن في الأنفس بغدر وحيلة وتدبير بباطل .. لذا كانت الآية التالية تخاطب الظالمين فقط .. لماذا ؟.. فهل السكن الطبيعي يستوجب هذا الإنذار والتهديد والوعيد الشديد ؟ فقال الله عز وجل عن السبب .. :
{وَسَكَنتُمْ ( أيها الظالمون إنسكم وجنّكم ) فِي مَسَـاكِنِ ( بيوت وأرض وأنفس ) الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ( بالذنوب والمعاصي فقط ) وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ ( من نتائج السحر وخبث طرق الإضلال ونشر الفتن )وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ ( بكم من إفساد أفسده الله عليكم بل وسلط عليكم من يفضحكم من الذين مكرتم بهم ) } ..
ومن ما سبق يتضح لنا أنّ هؤلاء المجرمين .. ليسوا منا في شيء .. بل هم قوم أغراب عنا ( عقيدة وقيم ومنشأ ).. دخلوا بيننا في فترة من الفترات وتمسكنوا وفعلوا السحر وخصوصاً في البداية سحر المحبة لهم .. ثم أنتشروا بعد ذلك ليفسدوا في الأرض والعباد وينشروا الفتن .. على الرغم من أن الله عز وجل قد بين لهم من الآيات في بداية مكرهم وكيدهم وفي سياق إستدراجه لهم .. وضرب لهم الأمثال .. لكنهم رغم ذلك .. بعد أن نجحوا في الخظوة الأولى .. إستمروا في مخططهم الدنيء .. وطوروه إلي أبشع ما يكون لـ إلحاق أكبر كمية من الضرر والإضلال .. لذا قال الله عز وجل .. :
((وَقَدْ ( رغم ضرب الأمثال والعبر) مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ ( بخبث طرق الإضلال لنشر الفتن والفساد والفواحش ) وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ{46})) ..
وهذا يؤكد أنّ هدف هذا المكر عظيم ويهدد الإسلام ظاهرياً .. بأن ينقضه عروة عروة .. وإن كان المكر والكيد بمجمله أهون من أن تزول بسببه الجبال .. ولكن لتصوير عظم هذا الكيد الخبيث .. وغفلة النّاس عنه .
يبقى الوعد الإلهي .. وما يخص الرسالة والرسول .. :
فما جاء في بداية الرسالة (( وأنذر النّاس .. )) .. كان بصيغة المفرد .. لأنها أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإنذار من خلال ( خبر من بعدكم ).. وهذا يعني أنّ هذه الرسالة بدون رسول من الله عز وجل بعد ذلك .. لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ذكر في الحديث أنّ هناك من سوف يمن ويتفضل الله عليه .. بأن يهديه إلي أن يسبق بهذا العلم ويستخرج هذه الرسالة التي بقيت منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلي الآن حتى يأتي أوانها وزمانها.. ليستخرجها عبد من عبيد الله .. ليس لفضل له أو ميزة فيه .. ولكن مشيئة الله أقتضت ذلك ..
وهذه الرسالة (( خبر من بعكم )) كما سبق وأن ذكرت .. خاصة بأسباب الفتن وحلها .. (( من علم علمه سبق )) و (( من قال به فقد صدق )) .. وهذا الشيء أيضاً .. ما يتفق مع سياق الآيات التي حددنا بدايتها ونهايتها .. ففي آخر الآيات المعنية .. لأنه لا يوجد رسول بعد محمد صلى الله عليه وسلم .. جاء الوعد الإلهي بالنصر بصيغة الجمع .. للرسل عليهم السلام :
((فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ{47})) ..
ومن يهديه الله عز وجل لأن يعلم علم الفتن وأسبابها والمخرج منها .. بشر .. ومجرد تابع ومؤمن بالله سبحانه وتعالى .. ورسله ... وهؤلاء أعداء لله عز وجل ولرسله أجمعين .. {وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً }نوح22
قال الله عز وجل ..: {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ }الأنعام55
-----------------------------------
|