.
.
المَرَاحِلُ الدِّرَاسيَّة !!
المَرَاحِلُ الدِّرَاسيَّةُ هي التي تَستَحوذُ على أكَبر قَدرَاً ممكنْ مِنْ أعمَارِنَا وأوقَاتِنَا ..
لم تَكنُ البدَايةُ قَريبَةٌ مِنْ النِّهَاية .. حتَّى الأمَلَ يذبُلُ ونحنُ لم نَتَعدَّى سوى مَرحَلة .
وطأتُ قدَمي الأولى كانت للمَرَاحِلَ التعليميَّةَ بالصفوفِ التَّمهيديَّة .. والتي كَانت هي مَحطَّتنَا الأولى في التَّعليم .. رُغمَ أننا أبنَاءٌ إلا أنَّ مَنْ يُعلمُنَا لَيسَ أستَاذَاً بل [ أبَله أو أبلى ] . نُطقها يُخفي عُيوبها ..
نِسَاءٌ لَم نَكنْ بِذاكـَ الوعي الذي يُخالِجُ النَّفسَ في مَرحَلَةِ المُرَاهقَةِ وَبلوغِ سِنِّ الرُّشدِ .. إلا أنَّها علامَاتُ تَعجُّبٍ رُكِّزَت على قَارِعَةِ طريقنَا لِمَرَاحِلِنا الدِّرَاسيَّةُ .
تَخرَّجنَا مِنْ الرَّوضَةِ وكأننا نَحمِلُ شَهادَاتٍ تَمنَحُنَا الحَصَانَةُ الدُّبلومَاسيَّة .. لا أشِكُّ بأنَّ الأميرَ قدَ بلَغَهُ تَخرجنَا فَبَعَثَ إلينَا ببَرقيَّةِ تَهنِئَةٍ ..
أنَاسٌ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وَصوبٍ أتوا احتِفَالاً بِتَخرُّجِنَا ..أعتَقدُ أنَّ الوليمَةَ التي وضعِت للمُنَاسَبَةِ هَذهـِ تَفوقُ مِيزَانيَّةُ تِلكـَ المَدرَسَةِ التَّمهيديَّة .. لَمْ أعتَبُ إلا على إمَامِ مَسجِدنَا لِمَ لَم يَذكُر إحتِفَالِنَا هَذا في خُطبَةِ الجُمعَة ..
قَضينَا الإجَازَةَ بَينَ رُبوعِ المَملَكَة .. إحتِفَالٌ وَحدَثٌ حَفَرَ نَفسَهُ في ذَاكِرَتي
إنظممنَا إلى الصفوفُ الإبتِدَائيَّة .. حَياتُنا لَم تَكن كَسابِقِها .. بل إشتَدَّت عَلينَا وطأتُ الجديَّة ..
وَالدي رُغمَ كَثرةِ أسفَارِهـِ إلا أنَّهُ مُتَابِعٌ لَنا وَهو في سَفَرِهـِ .. المُديرُ يدخُل عَلينَا ويسألُ عنَّا في كُلِّ حِصَّةٍ ..
وَلم نُعطى فُرصَةٌ لِنُخَالِطَ الآخرينَ بِشدَّة .. إن خَرجنَا أجلسَنَا المُديرُ عِندَهـُ حَتى يأتي سَائقُنَا
قَضينَا سِتَّ سَنَواتٍ لَيسَتْ سَهلَةً يَسيرَة .. تَعبنَا وَرَائهَا حَتى تَخطَّينَاها .. !!
إنتَقلنَا لإحدى المُجَمَّعَاتِ التَّعليميَّة .. هَا نحنُ نَرَكبُ في مَركَبِ المَرحَلَةِ المُتَوسِّطَة
مَرحَلَةٌ كَانتْ تُحسسنَا بأنَّا غدَونَا كِبَاراً والكَبيرُ الله سُبحَانَه .. فِي أوَّلِ مُخَالَفَةٍ أذكُرهَا كُنتُ قَد تَأخرتُ عن الطَّابورِ .. حينَها و كأني قَد صَنَعتُ جَريمَة .. المُديرُ والمُرشِدُ حَتى عَامِلُ النَّظَافَة .. كُلن يُدلي بِدَلوهـِ .. وآخرُهَا يأتي العَفو مِنْ سَمَاحةِ أبي . . بَعدها أصبحتُ أذهَبُ قَبلَ حَارِسِ المَدرسَة .
تَخرَّجنَا مِنْ هَذهـِ المَرحَلَةُ البَغيضةُ وَزيَادَةٌ عَلى شَهادَاتِنَا شَهادَةُ امتيَازٍ في اللغَةِ الإنجليزيَّة ..
لَكنَّ الإحتِفَالَ هَذهـِ السَّنَةُ لم يَكن سوى حَفلٍ كَغيرِهـ .. مَع أنَّا طَمعنَا بأكثَرَ وأكبَرُ .
بَدأتِ المَرحَلَةُ الثَّانويَّة .. تلكـَ التي قيل أنَّها تُحمِّلُ الإنسَانَ المسؤولية .. عَلى العمومِ لَم أبَالي بِهَا .. لأنَّ وَالدتي كَانت تَعكِفُ عَلى تَعلِيمنَا حتى تَخرَّجنَا مِنْ الثَّانوية .. رُغمَ أنَّها لم تَصِلُ إلى مَا وَصلنا لهُ في مَراحِلنَا التَّعليميَّةُ إلا أنَّها أفضلُ مِنْ ذَاكـَ المُعلِّمُ بِشَهادَةِ كَهربَائيٍّ وَسِبَاكَة .
الأمورُ سَارت عَلى مَا يُرَام في السَّنةِ الأولى .. لكِنَّ الموازينَ الأولى بَاءتْ فَاشِلَةٌ في مُواجَهةِ مَرحَلَةِ المُرَاهَقَةِ .
أظهَرنَا المُشَاغَبَة .. وَبدا عَلينَا عَارِضُ حُبِّ النُّفورِ مِنْ الحِصَصِ الدِّرَاسيَّة .. كأن لَم يَكُنْ هُنَاكـَ مُستَقبَلٌ يَنتَظِرُنَا ..
رُغمَ صَنيعنَا و إنسيَاقِنَا وَراءَ هوى أنفُسِنَا وَتجَاهُلِنَا للدِّرَاسَةِ إلا أننا وللهِ الحَمدُ قَد حَظينَا بِحُبِّ الجَميعِ وَرِضَائهِم بَعدَ رضا الله عزَّ وَجل .. فَلم نَفعلُ يومَاً مَحظورَاً وَلم نَتَخطَّى حُدودِ الأدب .
كَانتْ جَميعُ المَوادِ يُعادُ لَنا إختبَارُهَا .. حتى أنِّ مَادَّةٌ أعيدَت لي ثلاثَ مَرَّات ..
لَم يكن طَلَباً مني .. لَكنَّه كَانَ حِرصُ من بَعضُ المعلمينَ إن لم يكونوا كلهم .
إنتَهت الثَّانويَّةُ و إنسَلَّت مِنْ حَياتِنَا المُشَاغَبَة عُدنا لِمَا عُهِدَ مِنَّا ؛؛؛
بَعدَ الإجَازَةِ رَجَعنَا لِنلحَقَ بالجَامِعَة .. فتَفاجَئنا بالرد يَقول [ إنتهى وَقتِ القُبول ].
مِنْ هُنا وَهنَاكـَ حَتى أعتِمُدَ القَبولُ مِمن يُقَالُ له سُمو الأمير حَفظَهُ الله .
كَانَ دخولنا للجَامَعةِ .. مُجَرَّدُ تَسلية .. وَلم يَكُنِ الأمرُ رأيَّاً شَخصيَّاً بِقَدرِ مَا هي نَظرَةٌ إجتمَاعية لمن لا يدرِسُ بالجَامِعَةِ .. وَكأنَّ الأرزَاق يُوافَقُ عليهَا معَ شَهادَةِ الجَامِعَة .
ثلاثةَ أترَامٍ تَجاوزتها بِفَضلٍ مِنْ الله ومِنَّةٍ .. لَكِنَّ التِّرمَ الأخيرَ جَعلني في صُفوفِ الـ [ حوامِل ] .
فأنَا حَاملٌ بتوأمين . نسألُ الله السلامَةَ والعَافية .
حِينهَا قُلتُ للجَامِعَةِ [ هَوَّنَ الله عَلى حوامِلكم وفَرَّجَ الله عنهم ] وَتَركتُها إلى يومِنَا هَذا .
والدي طَلبَ منِّي أن أختَارَ أيَّ وَظيفَةٌ أريدُها .. أو أيَّ جَامِعَةٌ أرتَاحُ فيها .. وهو سَيأتي بمَطلبي .. لكني فَضَّلتُ أنْ أبقى حُرَّاً إلى أن يَقضيَ الله أمرَاً كَانَ مَفعولا .
وَظائفٌ عِدَّةٌ عُرِضَت عَليَّ لكني مِنْ النَّوعيةُ التي يَكرَهـُ لُغَةَ الأوامِرِ .. وجَدولَةِ حَياتِهِ بِفَرضٍ مِنْ غَيرِهـِ .
حَاليَّاً مَازِلتُ حَائِرَاً مَا بَينَ الدِّرَاسَةِ هُنا .. أو إكمَالُها في السُّعودية .. أو تأتي الموافقَة لإكمَالِهَا في دِيَارِ الغَرب .
عَسى الله أن يَكتُبَ لنَا مَا بِهِ خَيرٌ وَصَالِحٌ في ديننا وَدُنيانَا
حِينَمَا ألتَفيتُ إلى الورَاءِ لا أرَى سوى سَنواتٌ فَوقَ العَشرِ لم تكُنْ إلا زُمَرٌ مِنْ حُطَامِ الِّكرَيَات
دُمتم بِحفظِ الرَّحمنِ وَرِعَايتِه
.
.
__________________
إِنَّ دَمْعيْ يَحْتَضر ، وَ قَلبيْ يَنْتَظِرْ ، يَا شَاطِئَ العُمرِ اقْتَرِبْ ، فَمَا زِلْتَ بَعيدٌ بَعيدْ
رُفِعتْ الأشْرِعَة ، وَبدتْ الوُجوهـُ شَاحِبَةْ ، وَدَاعَاً لِكُلِّ قَلبٍ أحببنيْ وَأحبَبْتُهُ ..!!
يَقول الله سُبحَانَهُ [اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ]!!
يَا رَب إِنْ ضَاقَتْ بِيَ الأرجَاءُ فـ خُذْ بِيَديْ ..!
آخر من قام بالتعديل قاهر الروس; بتاريخ 19-09-2008 الساعة 07:26 AM.
|