درء المفاسد عنّي مقدّم على جلب المصالح للنّاس
هذه قاعدة نُسبت إلى الإسلام زوراً وبهتاناً ، ذهب فيها النّاس يميناً وشمالاً. وأصل تلك القاعدة صحيحة ولكن أُريد
بها التعوّذ من تبِعات نهج الحقّ ، فأهل الأهواء يُبدون حقائق تُوارى بزبد الباطل وغثائه.
وإنّ أشدّ النّاس ضلالاً من يدّعيها ويزعم أنها حقّ ليحمل الناس على إعذاره فيما يلزمه. فجعلوها حِصن يتدرّعون بها
إذا كُشفت الأستار ، وحصحص الحقّ.
رُوي عن أبي سعيد مرفوعاً : (لا يحقرنّ أحدكم نفسه أن يرى أمراً لله –عز وجل- فيه مقالٌ ، ثم لا يقول فيه ،
فيقول الله –عز وجل: ما منعك أنْ تقول فيه؟ ، فيقول : يارب خشيتُ النّاس ، فيقول : فأنا أحقّ أن يُخشى).
وفي رواية : (لا يمنعنّ أحدكم هيبة الناس أن يقول في حقّ الله عز وجل إذا رآه أو سمعه . فبكى أبو سعيد وقال : قد والله رأينا أشياء فهبنا).
قال الإمام أحمد-رحمه الله- في (المحنة): إن عرضتُ على السيف لا أُجيب ، وقال فيها أيضاً :
إذا أجاب العالم تقية ، والجاهل يجهلُ فمتى يتبيّن الحق؟!.
دعْ أحبوشة (مفاسد أنفسهم ومصالح النّاس) يقفون أثر الإمام أحمد في محنته ، وعبدالله بن حذافة في أسره.
هيهات هيات . . لمن تلجلج لسانه ، وخفي كلامه ، وآذانا بطنين طغيانه (أنا،وإني،وأرى) فإذا تسلّع جلده ، أعقف
وجثم فبصقت (أنا) الشوهاء في وجهه.
وانظر –بربّك- ما فعلت تلك الكلمة بهيبة العلماء ، وكيف أصبحت تلك القاعدة الصحيحة من أقوال الجبناء ، حتى
صارت أشهر كلمة في الألسنة يلوذ بها مَن يُتّهم في دينه. فنُزعت منه هيبة الله ، وما يُغني رضى الخلْق والخالق منها قد سخط !.
آخر من قام بالتعديل الكامل; بتاريخ 20-09-2008 الساعة 12:49 AM.
|