الواقعي 9
مذاهب النحاة في إعراب "والمقيمين الصلاة"
مذاهب النحاة في إعراب "والمقيمين الصلاة"
قال تعالى : "لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا"[النساء : 162] .
موضع التأويل في الآية قوله :"والمقيمين الصلاة"، فما هي توجيهات النحاة في إعراب "والمقيمين"؟؟
وما الرأي الراجح من هذه التأويلات والتوجيهات؟؟
ففي الآية قراءتان الأولى بالنصب " والمقيمين" وفيها ستة أقوال، والثانية بالرفع " والمقيمون " وفيها سبعة أوجه
فأما قراءة النصب ، فعلى :
الأول :أنه منصوبٌ على القطع،
الثاني: أن يكونَ معطوفاً على الضمير في "منهم"
الثالث: أن يكون معطوفاً على الكاف في "إليك"
الرابع: أن يكونَ معطوفاً على "ما" في "بما أُنْزِل"
الخامس: أن يكونَ معطوفاً على الكاف في "قبلك"
السادس: أن يكونَ معطوفاً على نفسِ الظرف، ويكونَ على حَذْفِ مضاف
ولكل تخريجه من تلك الأقوال
أما تفصيل الكلام في هذه التأويلات والتوجيهات فهو كما يلي :
ــ القول بالنصب على المدح (القطع)، وهو مذهب البصريين ، لأدلة سماعية مأثورة عن العرب منها :
** ويأوي إلى نسوة عطـل ... وشعثـًا مراضيعَ مثل السعالى ****
ووافقهم في ذلك الفراء والنحاس والزجاج والزمخشري وابن هشام وأبو حيان . وهذا القول هو المرجح عند كثير من المحدثين .
أما الكوفيون فقد تأولوا الآية ، وذهبوا إلى منع جواز نصب "والمقيمين" على المدح ، لأنهم لا يجيزون النصب على المدح قبل تمام الكلام ؛ والخبر في الآية عندهم أتى متأخرا عن الكلمة المقصودة .
ـ العطف على "ما" ، وإليه ذهب الكسائي وتبعه السيرافي ، وأيده الطبري . فيكون التقدير :"والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ، وبالمقيمين الصلاة" وهم الأنبياء أو الملائكة أو المذهب والدين، على اختلاف بين المفسرين القائلين بهذا التأويل، أو الناقلين له . واختار هذا القول أيضا مكي بن أبي طالب ، وابن هشام .
ـ عطف "والمقيمين" على الكاف في "من قبلك" ، والتقدير :
(وما أنزل من قبلك ومن قبل المقيمين الصلاة) . وممن ذكره وأجازه القرطبي ، ومكي بن أبي طالب .
ـ العطف على الهاء في "منهم" ، فيكون التقدير : (ولكن الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين الصلاة) ، وممن أجاز هذا الوجه مكي بن أبي طالب .
ـ العطف على الكاف في "إليك" ، والتقدير : (والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك .......... وإلى المقيمين الصلاة) وهم الأنبياء . وممن أجازه العكبري ، والقرطبي .
ـ تضمين "لكن" بالنسبة إليها لفظ "إلا" ، فتعمل عملها في النصب . ويكون أن المعنى أن "المقيمين الصلاة" مستثنون ممن أعد الله لهم العذاب الأليم المذكورين في الآية السابقة . وذكره البقاعي ، وأجازه على بُعد .
ويظهر أن المذهب الراجح هو النصب على المدح ، وقال به جمهور البصريين، ووافقهم جماعة من الكوفيين لما يلي :
1ـ السماع من العرب .
2ـ لا دليل على منع النصب على المدح قبل تمام الكلام .
3ـ احتمال أن يكون الخبر في الآية هو جملة "يؤمنون" وعليه فالكلام تام ، ولا وجه للاعتراض .