لا تتركوا فراغاً بعدكم ! ! ! @@@
تأملات دعوية
لا تتركوا فراغاً بعدكم
محمد بن عبد الله الدويش
مما يمدح به بعض الرجال أن يقال عنه حين يمضي : لم يُسَدّ الفراغ الذي تركه ، ولم يجد الناس من يخلفه . وتكثر هذه الحال حين يحل بعض طلبة العلم أو الدعاة في بلدة مقفرة ، فيعمرها بالدعوة والعلم ، والأغلب أن بقاءه فيها إلى أمد . وترك الفراغ يدل بلا شك على قدرة وعطاء متميز ؛ فالناس ألفٌ منهم كواحد . ولكن مع الإيمان بتفاوت قدرات الناس وطاقاتهم ألا يمكن أن نخفف من أثر فقْد هؤلاء العاملين ؟ إن اتساع الهوة التي يتركها من يذهب قد تكون نتيجة للفارق الكبير في القدرة والعطاء بينه وبين من بعده ، وقد تكون نتيجة لطبيعة الأسلوب الإداري الذي يمارسه ، لذا فثمة وسائل يمكن أن تقلل من أثر هذا الأمر :
1- أن يعتني الداعية بالطلاب ، ويربي طائفة منهم ويعلمهم ، حتى يتهيؤوا لسد مكانه ، وأن يحذر من أن تستهلك ممارسة العمل جهده فلا يبقى للتعليم والتربية نصيب من ذلك . وقد كان للسلف اعتناء بإعداد التلاميذ .
قال ابن جماعة : (واعلم أن الطالب الصالح أَعْوَدُ على العالِم بخيري الدنيا والآخرة من أعز الناس عليه ، وأقرب أهله إليه ؛ ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله ودينه يُلقون شبك الاجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم ، ومن بعدهم ، ولو لم يكن للعالِم إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله - تعالى - فإنه لا يتصل شيء من علمه إلى أحد فينتفع به إلا كان له نصيب من الأجر [1] .
2- أن يمارس أسلوب العمل الجماعي ، ويعوّد العاملين معه عليه ؛ فقد يصعب أن يوجد بعده مثله ، لكن حين يُدار العمل بطريقة جماعية فسيكون أكثر نضجاً ، وما لم يَتَرَبّ العاملون معه على ممارسة العمل الجماعي فلن يجيدوه بعده .
3- توزيع المسؤوليات والتفويض ؛ فبعض الناس لفرط حرصه على العمل يربط كل صغيرة وكبيرة به شخصياً ، فقد تسير الأمور حال بقائه ، لكنه حين ينصرف سرعان ما ينفرط عقدها .
4- الاعتناء بالصف الثاني من العاملين ، والتفكير باستمرار فيمن يخلفه من بعده ، وتهيئة المجال له .
5- الاعتناء برفع مستوى العاملين ، وأن تكون الأعمال الدعوية ميداناً لتدريب الطاقات والرفع من كفاءتها .
6- تدوين التجارب والإجراءات ؛ فقد لا يوجد بعده من يستوعب التجربة كاملة ، أو يرتبط إنجاز بعض المهام والأعمال بإجراءات محددة ؛ فتدوين ذلك وتنظيمه يسهّل المهمة على من بعده . 7- ومما يعين على ذلك ألا يعجل الداعية قدر الإمكان بالانتقال إلى بلده ، وأن يحتسب بقاءه في سبيل الله - عز وجل - فالدعوة تستحق منا أكثر من ذلك .
(1) تذكرة السامع والمتكلم .
وتقبلوا مني فائق التحايا،،،
__________________
[POEM="font="Traditional Arabic,5,orange,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="images/backgrounds/9.gif" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]إذاجاءت الدنيا عليك فجد بها = على النـاس طـرّا إنـها تـتـقلب
فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت = ولا البخل يبقيها إذا هي تذهب[/POEM]
|