08-10-2008, 03:46 PM
|
#2
|
عـضـو
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 331
|
الجزء (10)
(( نهاية ابن لعلقمي ))
المكر السيء يحيق بأهله :
ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، ودخل التتار وجندهم بغداد ووقع ما وقع من الظلم والفساد وسفك الدماء وهتك الأعراض، ولم يكن ابن العلقمي بعيدا عن ذلك كله ولا سالما منه ألبتة، وقد أحسن الظن الذهبي في تعبيره وكان دقيقا في وصف حالته حين قال: ((وحفر للأمة قليبا فأُوقِع فيه قريبا، وذاق الهوان، وبقي يركب كديشا وحده بعد أن كانت ركبته تضاهي موكب السلطان؛ فمات غبنا وغما، وفي الآخرة أشد خزيا وأشد تنكيل.
ونقل ((الصفدي)) ندم ((ابن العلقمي)) حيث لا ينفعه الندم - وكان كثيرا ما يقول: وجرى القضاء بعكس ما أمّلته - لأنه عوم
بأنواع الهوان من أراذل التتار والمرتدة؛ حكي أنه كان في الديوان جالسا فدخل بعض التتار ممن لا وجاهة له راكبا فرسه، فساق إلى أن وقف بفرسه على بساط الوزير وخاطبه بما أراد، وبال الفرس على البساط وأصاب الرشاش ثياب الوزير وهو صابر لهذا الهوان يظهر قوة النفس وأنه بلغ مراده ... .
ولم تكن الشيعة بشكل عام - وهم أهل وعشيرته - بمنأى عن هذه الجرائم والمآثم، وعجيب أن يكون حنقه على أهل السنة، وحميته للشيعة تبيح له ذلك كله. ويروى أن بعض أهل بغداد قال له: يا مولانا أنت فعلت هذا جميعه وحميت الشيعة حميّة لهم، وقد قتل من الأشراف الفاطميين خلق لا يحصون، وارتكب من الفواحش مع نسائهم وفضّت أبكارهم مما لا يعلمه إلا الله تعالى، فقال: بعد أن قتل الدوادار ومن كان على مثل رأيه لا مبالاة بذلك.
ويقول ابن الوردي: ((أراد ((ابن العلقمي)) نصرة الشيعة فنصر عليهم، وحاول الدفع عنهم فدفع إليهم، وسعى ولكن في فسادهم، وعاضد ولكن على سبي حريمهم وأولادهم، وجاء بجيوش سلبت عنهم النعمة ونكبت الإمام والأمة، وسفكت
دماء الشيعة والسنة)).
وأخيرا ذهب ابن العلقمي ضحية ما اقترفته يداه، ومات بعد دخول التتر بغداد بثلاثة أشهر غما وغبنا. ويقال إن امرأة رأته وهو في الذل والهوان وهو راكب في أيام التتر برذونا وهو مرسم عليه، وسائق يسوق به ويضرب فرسه فوقفت إلى جانبه وقالت له: يا ابن العلقمي، هكذا كان بنو العباس يعاملونك ؟ فوقعت كلمتها في قلبه وانقطع في داره إلى أن مات كمدا وغبينة وضيقا وقلة وذلة.
وبلغ إذلال ((التتر)) له أن جعلوه تابعا لشخص يدعى ((ابن عمران)) كان خادما في دولة المستعصم. بل نقل ((النويري)) ما هو أشد من ذلك، إذ استدعاه ((هولاكو)) فلما مثل بين يديه سبّه ووبخه على عدم موافاته لمن هو غذي نعمته، وأمر بقتله فقتل، وقيل لم يقتله وذكر ((السيوطي)) أنه صار معهم في صورة بعض الغلمان، وأنه مات كمدا.
|
|
|