سبـرُ السّديم
حذّاء تمـلأ كلّ أذنٍ حكمـة * * وبلاغـة وتُـدرّ كل وريـد
إنّي أنثر لكم كلمات لا تـُذكر إلاّ سدماً ، وعلماً لا يُطاع إلاّ سبراً ، بكرم لا يكون إلا سرَفاً.
قال سابره: إن العلم سمّ للمتعالم إذا تحسّاه من مخمصةٍ ، مات ظمآن يتلظّى من جوفه جوعاً وألماً. وزغله كالرّضاب يُحلى إن مسّه نصب ، وينضب باللغوب.
ما ينفع حديث العاشق عن حبّه؟ ، وما يؤنس قلبه اجترار قلمه؟ ، إلاّ العلم فإنّ حبّه لا يكون إلاّ في الكلام ، ولا أنيس له سوى الأقلام.
فإن نطق الكتاب بقوله: إني لا أعدّكم من الأذكياء إلاّ إذا عقلتم ما كُتب ، فأقول: لا أعدمكم عاقلاً إلاّ كذب!.
لقد كنّا نعدّ المجنون غير عاقل ، والسّقيم ليس صحيحاً. واليوم خرج لنا أديب بلا أدب ، و شاعر عديم المشاعر ، وطفل بلا براءة !
أقسمتُ بالذي خلق الجاحظ أنّ الجاحظ هو الأدب. أتظنّون أنّ (سبر السّديم) للحديث عمّا قرأتُه مذ عشر سنين ؟! ، أم تُدركون أنّي ما تركتُ للجاحظ أثراً إلا قصصتُه؟!.
هذا الذي سبر السّديم ، وعن مثله عجزت رؤوس الشياطين.
انقضى الحبر وتناهضت الكلمات إلى لقاء موعود.
آخر من قام بالتعديل الكامل; بتاريخ 13-10-2008 الساعة 09:31 AM.
|