بسم الله الرحمن الرحيم
حينما لا يقدر المرء على التحكم في شخصيته ، و تفعيل التوازن فيها فإنه يساير الفوضى الحقيقة الحسية و المعنوية ، فيفعل ما لا يجب فعله ، و يترك ما يجب فعله ، و يخالف النظرة الحكيمة و هي : فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي ..!
فلا تثرّب على من يضحك في وقتٍ خيّم فيه الحزن ، أو يهزل في موضعٍ وثب فيه الجد ، فهو إلى فاقد العقل أقرب ، لأنه لم يعقل ذاته ولم يعقل ما يدور حوله ..
و قد تأتي على الإنسان مشاهد فظيعة ، و مواقف بشعة ، فالعاقل يكون مدركاً لبشاعة ما يمر به ، و فظاعة ما يعتريه ، و هنا أتحدث عن أفظع مشهد يراه الإنسان و لكن إذا أحضر قلبه ، و الذي حكم ببشاعته هو النبي الكريم على صلاة و سلام رب العالمين ، حيث يقول :" ما رأيت منظرا قط إلا و القبر أفظع منه " أخرجه الترمذي و غيره ، و حسنه الحافظ ابن حجر و الألباني و غيرهما .
فكان على زوار المقابر ، و متبعي الجنائز أن يدركوا بشاعة هذا المنظر ، و أن يُحيووا قلبوبهم و ضمائرهم لتتفكر في عظم هذا المواقف الذي يقفونه ، و هذه المشاهد الحقيقية التي يعيشونها .
أقول هذا و أنا أرى أننا بحاجة إلى استيعاب ما يحدث ، حيث أن الحال اليوم في المقابر و للأسف تجاذب للحديث و القصص و المواقف ثم تتعالى أصواتُ الضحكات ، و القبور بجوارهم ، و كأنهم في نزهة برية .. !
و قد ذكر العلماء عن الحكمة من مشروعية زيارة المقابر للرجال : انتفاع الزائر بالاتعاظ و تذكر الموت و الآخرة . و لهذا قال صاحب الروض : " و يكره الحديث في أمر الدنيا " قال العلماء : لأن المحل غير لائق بالحال ، بل هو مزهد في الدنيا و مرغب في الآخرة .ثم ذكر أن التبسم و الضحك أشد من الحديث في أمور الدنيا ، لمنافاتهما للحال ..
و من العلماء من حرّم الضحك . فلا بد أن نسير على التوازن ، و نقدر المواقف و المشاهد قدرها ، فلكل مقامٍ مقال ، و لكل حادثة حديث .
أسأل الله أن يمن علينا بحسن الختام ، و أن يرحم أموات المسلمين .