إنها شديدة البياض يا والدي ..!!
.
إنه والدي ... لا تصدق عيناي ما أرى !
على مشارف أن ينهي العقد السادس من عمره أهذا هو ؟!
نعم هذا هو ! أيعقل أن هذا الشاب الوسيم كان أبي ؟!
نعم هو أباك !
لا أتمالك نفسي وبلحظة ذرفت عيناي وأسبلت وحق لها أن تسبل دمعها !
بل هذا حلم يا أمي أم أنها صورة لأحدهم ! لا أصدق ذلك أبداً !
بل هو يا بني ( وأشتعل الرأس شيباً ) والوجه !
( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعفٍ قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة )
سورة الروم [54]
أجهشت عيناي بالبكاء مرة أخرى وأزدادت !
أمي : الإنسان يا بني يكون كذلك في أول عمره وعنفوان شبابه غضاً
طريا لين الأعطاف بهي المنظر ، ثم إنه يشرع في الكهولة فتتغير أوصافه ،
ويفقد بعض قواه ثم يكبر فيصير شيخا كبيرا ضعيف القوى قليل الحركة يعجزه الشيء اليسير !
نعم يا أماه !
هذه سنة الحياة العجيبة ، الوجود والعدم والصحة والمرض والضعف والقوة والفرح والحزن .
يأتي الإنسان ضعيفا ليبحث عن القوة ويخيل إليه أنه الأقوى على سطح البسيطة بجبروته وتعنته
وتعاليه وكبريائه ، وما يلبث أن يتدحرج أسفل سافلين يستجدي النجاة ويشكو مرارة الحرمان .
كم هو ضعيف بل واهن حينما تفلت من قبضته الحديدية الدنيا وما بين طياتها من أحلام وردية.
كم هو ضعيف حينما ينسحب من تحت أقدامه بساط السلطة والتسلط والجبروت .
كم هو ضعيف حينما يستجدي الحياة والصحة والفراغ.
كم هو ضعيف حينما يدرك أنه لا حول ولا قوة له الا بالله .
نعم يا أماه إنه الضعف الذي منه خلقنا وإليه نؤول ( وخلق الإنسان ضعيفا ) ،
( ثم جعل من بعد قوةً ضعفاً وشيبة ).
نعم هذه هي الحياة ( كراكب أستظل تحت شجرة ثم راح وتركها ) .
ألتفت إلى أبي :
إنها شديدة البياض يا والدي ..!!
ذرفت عيناه ..؟؟
مسح بيده عليها ..
قال ..أرجو أن تكون شيبة في سبيل الله .
إلى اللقاء ..
.
__________________
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه :{ قصم ظهري رجلان : عالم متهتك ، وجاهل متنسك }
ولذلك قيل:إذا زل العالم ـ بكسر اللام ـ ، زل العالم ـ بفتح اللام ـ ،أو زلة العالم ، زلة للعالم ...
في فقه الواقع نرى الحرام حلاً ، أستحل الحرام لأننا نفقه الواقع !
عــجــبــاً ؟!!!
قال أنس بن مالك رضي الله عنه لجيل من التابعين :إنكم تعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات[البخاري 11/283]
آخر من قام بالتعديل المسفهل; بتاريخ 11-11-2008 الساعة 11:18 AM.
السبب: تعديل الآية
|