السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحكم بابونج ومساؤكم قرنفل
في اليومين الماضيين اكتحلت عيناي برؤية أرض ( الحجرة ) وتحديدًا الأرض الواقعة بين أم عشر ولينة . رأيتها تزهو بخضرتها وتعبق بحرفها وقيصومها ، رأيت السدر يتوسط تلك الفياض والجمال الرباني يغشاه ذات اليمين وذات الشمال ، كنت أراه سعيداً بريّه فخوراً بنبته زاهياً بثمره وينعه .. فسبحان من أبدل الوحشة بالجمال ، والسواد بالخضرة ، والصدّ بالارتياد .. ، السنوات القليلة الماضية أوحشتنا بقفرها وتتابع الجفاف في سنياتها ، فالشغف هنا يتأكد والفرحة تتضاعف و رحمة ربي وسعت كل شيء ، ومن هناك حملت لكم فيضة ( الزلما ) ونقلتها في سيارتي محشورة في كميرتي لأضعها في متصفح أجهزتكم ومشاهدة أبصاركم .. فأهلاً بكم :
.
هنا كان مبيتنا الأول فوق رمال الدهنا الآسرة ، ومن مباركات القدر والمشيئة أنّ السماء قد سبقتنا إلى حيث نزلنا بيوم أو يومين فكانت الأرض ريّانه دون بلل ومتحركة دون جفاف .. واللقطة أدناه تحكي صباح يوم الخميس ( 13/11 ) وإن نسيت فلست أنسى جمال تلك الليلة ونومتها الهانئة والمريحة والتي كانت ميلادّا لهذا الصباح المنعش و اللطيف والذي لا يعادله لطافة غير لطافة مروركم وتشريفكم هذا المتصفح

7
7
وبعد وجبة إفطار خفيفة امتطينا رواحلنا ، ويممنا صوب أرض الحجرة ، فكان شجر السدر هو دليلنا الذي لا يخذلنا ، فحيث نشاهد رؤوس السدر تلوح من بعيد نعلم أنّ أمامنا واحة جميلة .. فليس هناك هدف نقصده أو ملاحة نقتفي أثرها .. السدر وكفى ..
هنا تظهر إحدى الفياض التي مررنا بها
7
7
ومن زاوية أخرى
7
7
أمّا هذه الفيضة فهي تقع في بطن وادي أم عشر ... أكيد عرفتوها ... ( الزلما ) ر
شجر السدر ينوء بحمله من ثمر ( النبق ) .. وهو يقترب كثيراً من ولد عمه ( العبري) لكن يعيبة كبر الفصم بداخله .. وهنا يظهر ثمر النبق بكثرته الفارطة
7
7
نبق من العصرة الأولى
وفي طريق العودة .. مررنا بشيخ الأودية وحامل لواء الشعاب ( الرمّة ) .. فارتضينا الغداء على إحدى شغاياه الصغيرة ضعيفة الممشى .. ولم يكد يمضي ساعة من الوقت حتى كنت شاهدًا على هذه الشغية الصغير وهي تحتضر ثم تلفظ أنفاسها الماطرة عن عمر يناهز العشرة أيام قضتها تدفقاً وجريانًا .
وكانت المفاجأة حين ظهر بعض السمك الصغير والكبير فوق ناعم الرمل ، خذله الوادي وغاض في الأرض تاركه وحيداً يحتضر هو الآخر ..
هنا تظهر إحدى السمكات وهي عاجزة عن الحراك فالزعانف لا تجد ماكان زاخراً بتدفقه وجريانه .. الرمل ولا شيء غير الرمل
أحدهم كانت حصيلته وفيرة من عاجز السمك وضحية الوادي
7
7
قصة احتضار
السمكة أدناه كانت تحتضر تحت شجرة رمث عصف بها الوادي ، وحين عثرت عليها كانت للتو غاض عنها الماء ولم تزل في سكرات الموت و خياشيمها تزفران بشدة وتواصل ، وكأنها تناشدني بمساعدتها ورميها في حفرة قريبة لم تزل تحمل الماء ، فأدركني في تلك اللحظات رحمة الضعف وهوان الخذلان وروح النجدة وبذل المساعدة ، لكن مالفائدة فالحفرة هي الأخرى لن تبقى لأكثر من ساعة أو ساعتين ثم يتلاشى ماؤها ويغيض ، لذا انحنيت عليها بهدوء وهمست في أذنها برفق قائلاً : يا سمكتي الصغيرة هذا هو مصيرك المحتوم والمقدّر ، وحين تلفظي أنفاسك تحت شجرة الرمث هذه فقد لفظها من يحمل التكليف ونطق الشهادتين من بني البشر .. أنت ضحية صغير جداً ليست ذي بال في هذا الوادي ، فاصبري لما أصابك من خذلان واحتسبي هوان قدرك وضحالة منزلتك عند غيرك ، وماذا عساك تفعلين غير ذلك ياسمكتي الصغيرة . ثم تركتها وقد أسلمت النفس إلى بارئها وذهبت في عداد الأموات ، تركتها جثة هامدة تستظل تحت شجرة رمث هي الأخرى هامدة ، وكلاهما ضحايا من زفر ماؤه ونفث جريانه من أصول و روافد بعيدة جداً .. كلاهما ضحية شيخ الأودية وحامل لواء الشعاب ( وادي الرمّة ) .
هنا تظهر تلك السمكة الصغيرة وهي تستكين في صمت الموت ورقدة العاجز عن فعل شيء

7
7
همسة أخيرة
فياض الحجرة غير ... لا تفوتكم الأسبوع القادم
مع السلامة ،،،
.