مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 01-12-2008, 12:53 AM   #13
تأبَّط رأياً
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: May 2006
المشاركات: 1,081
اقتباس
5- و بعد هذا الإيضاح تبقى هناك أشياء يكن كل مستمع فيها فقيه نفسه و مفتيها ،‌ فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستثير غريزة ،‌ و يغريه بالفتنة ،‌ و يسبح به في شطحات الخيال ،‌ و يطغى فيه الجانب الحيواني على‌ الجانب الروحاني ،‌ فعليه أن يتجنبه حينئذ ‌، و يسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة على
قلبه و دينه و خلقه ، فيستريح و يريح .

الجواب :
1ـ أي إيضاح ولم نجد مايسند هذا الرأي إلا زلة عالم .
2ـ وضبط هذا صعب عند أدنى تأمل .
3ـ ثم إنه إذا وجدت الضوابط السابقة فأين الفتنة ؟ ..على رأيكم لأن الكلام الفاحش والماجن والغراميات والخمريات ممنوعة .
فهذا الضابط لافائدة منه إلا أن يكون من باب ذر الرماد على العيون .

-
اقتباس
الغناء و الطرب في واقع المسلمين :


و من نظر في أحوال المسلمين ، و تأمل في واقعهم المعيشي ، لم يجد خصومة بين المسلم المتدين و بين الاستمتاع بطيب السماع .
إن أذن المسلم العادي موصولة ب « طيبات السماع » تلتذ بها ،‌ و تتغذى عليها كل يوم .

من خلال القرآن الكريم الذي تسمعه مرتلاً و مجوداً و مزيناً بأحسن الأصوات ، من أحسن القراء .
و من خلال الأذان ، الذي تطرب لسماعه كل يوم خمس مرات بالصوت الجميل . و هو ميراث من عهد النبوة ، فقد قال النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) للصحابي الذي كشف له عن ألفاظ الأذان في رؤيـا صادقة : « علمه بلا لاً ، فإنه أندى منك صوتاً » .

و من خلال الابتهالات الدينة ،‌ التي تنشد بأعذب الألحان ، و أرق الأصوات ، فتطرب لها الأفئدة ، و تهتز لها المشاعر :
و من خلال المدائح النبوية التي توارثها المسلمون منذ سمعوا ذلك النشيد الحلو من بنات الأنصار ، ترحبياً بمقدم الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام :
طــلـع الـبـدر عـلـيـنـا من ثـنـيـات الـوداع
وجـب الـشـكـر عـلـيـنـا مــا دعـا لـلـه داع
و أذكر أني منذ نحو عشرين سنة سمعت هذا النشيد من تلميذات مدرسة إسلامية في إندونيسيا ،‌يغنينه بلحن جماعي مؤثر رقيق ، و كنا و فداً من دولة قطر . فرقت له قلوبنا ، و سالت أدمعنا على خدودنا من فرط الرقة و التأثر .

و في الأعصر الماضية المسلمون أن ينشئوا ألواناً من « طيبات السماع ‌» يروحون بها أنفسهم ،‌ و يجملون بها حياتهم ،‌ و خصوصاً في القرى و الريف . و قد أدركنا ذلك في عهد الصبا و مطالع الشباب . و كلها ألوان فطرية نابعة من البيئة ، معبرة عن قيمها ، و لا غبار عليها .

من ذلك : فن المواويل : يتغنّى بها الناس في أنفسهم ، أو يجتمعون على سماعها ، ممن كان حسن الصوت منهم ، و أكثرهم يتحدث عن الحب و الهيام و الوصل و الهجران ، و بعضها يتحدث عن الدنيا و متاعها

و يشكو من ظلم الناس و الأيام . . . الخ .
و أكثرهم كان يتغنى بها بغير آلة ، و بعضهم مع « الأرغول » ، و من هؤلاء الفنانين الفطريين : من كان يؤلف «‌ الموال » و يلحنه و يغنيه في وقت واحد .

و منها : القصص المنظومة ، التي تتغنى ببطولات بعض الأبطال الشعبيين ، أبطال الكفاح ،‌ أو أبطال الصبر ، يسمعها الناس ،‌ فيطربون بها ، ويرددونها ،‌و يكادون يحفظونها عن ظهر قلب ، مثل قصة « أدهم الشرقاوي » ، و شفيقة و متولي » ، و « أيوب المصري » ، و « سعد اليتيم » ، و غيرها .

و منها : الملاحم الشعبية للأبطال المعروفين ، مثل « أبي زيد الهلالي » ، و التي كان يجتمع لها الناس ، ليسمعوا القصة ، و يستمعوا معها إلى أشعار أبطالها على نغمات « الربابة » من « الشاعر الشعبي » الذي تخصص في هذا اللون ، و كانت هذه الملاحم لها عشاقها و تقوم مقام « المسلسلات » في هذا العصر .

و منها : أغاني الأعياد و الأفراح و المناسبات السارة ، مثل : العرس ، وولادة المولود ، و ختان الصبي ، وقدوم الغائب ، و شفاء المريض ، و عود الحاج . . . و نحوها .
و قد ابتكر الناس أغاني و أهازيج لحنوها ، وغنوها بأنفسهم في أحوال و مناسبات مختلفة ، مثل جني الثمار أو القطن و غيرها .
و مثل : أهازيج العمال و الفعلة ، الذين يعملون في البناء‌ و حمل الأثقال و نحوها ، مثل :‌ « هيلا ، هيلا . . صل على النبي » . . و هذا له أصل شرعي من عمل الصحابة‌ ، و هم يبنون المسجد النبوي و يحملون أحجاره على مناكبهم . و هم ينشدون :
اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار و المهاجرة

حتى‌ الأمهات ، حين يهدهدن أطفالهن ، و يهيئنهم للنوم ، يستخدمن الغناء ، و لهن كلمات مشهورة ، مثل : « يا رب ينام ، يا رب ينام . . . »‌ .
ولازلت أذكر « المسحراتية » في شهر رمضان المبارك ،‌ و هم يوقظون الناس بعد منتصف الليل بمنظومات يلذ سماعها منغمة مع دقات طبولهم .

و من جميل ما يذكر هنا : ما اخترعه الباعة في الأسواق ،‌ و الباعة‌ المتجولون : من النداء‌ على سلعهم بعبارات منظومة موزونة‌ ، يتنافسون في التغني بها ، مثل بائع العرقسوس ، و باعة الفواكه و الخضروات ، و غيرهم .
و هكذا نجد هذا الفن – فن الغناء – يتخلل الحياة كلها ، دينية‌ و دنيوية ، و يتجاوب الناس معه بتلقائية و فطرية ، و لا يجدون في تعاليم دينهم ما يعوقهم عن ذك . و لم ير علماؤهم في هذه الألوان الشعبية‌ ما يجب أن ينكر . بل أكثر من ذلك تجدها جميعاً ممزوجة بالدين و معاني الإيمان و القيم الروحية و المثل الأخلاقية ، امتزاج الجسم بالروح : من التوحيد ، و ذكر الله ، و الدعاء‌ ، و الصلاة على النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) . . . و ما شابهها (لا أجد من الألحان و الأغاني الشعبية ما ينكره الدين ، إلا ما كانت تصنعه النائحة المستأجرة مما يهيج الأحزان ، و يثير الجزع ،‌ و يحرم المصاب من الصبر على البلاء ، و الرضا بالقضاء .
و هذا الذي لاحظته في مصر ، و جدت مثله في بلاد الشام ، و في بلاد المغرب ، و غيرها من بلاد العرب .

الجواب :
1ـ أن هذا عمل بعض الناس وهو كما ذكر القرضاوي على نوعين /
أ ـ غناء بلا آلة وهو حلال وهو خارج موضوع النقاش .
ب ـ وغناء بآلة فهو حرام سواء كان من الاجداد أو الجيران أو حملة الاثقال أو الاقطان أو من أهل مصر أو الشام .
فما الفائدة من حشر هذا الكلام ؟
أشبه ما يكون من مشاهدات اجتماعية رآها المؤلف ــ وأتساءل متى كانت المشاهدات الاجتماعية تنزل منزلة الأدلة من الشريعة المحمدية على صاحبها أفضل صلاة وازكى سلام .
__________________
قال حذيفة رضي الله عنه :
( أتقوا الله يا معشر العلماء ، وخذو طريق من كان قبلكم ، فلعمري لإن اتبعتموه لقد سبقتم سبقاً بعيدا ، ولئن تركتموه يمينا ً وشمالاً لقد ضللتم ضلالا بعيدا)
أخرجه البخاري 7282 وابن عبدالبر واللفظ له في الجامع 1809
تأبَّط رأياً غير متصل