مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 13-12-2008, 05:37 PM   #12
أبـو خـبـيـب
عـضـو
 
صورة أبـو خـبـيـب الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 1,382
ردٌّ مقتبس من منتدى مجاور ، أعجبني كثيراً :



اقتباس
هل قلت أزمة تربية ؟ أتيت بها على الجرح إذن !

أزمة تربية حقيقية نعيشها .. أستاء كثيرا لكني لا أتعجب من مظاهرها المتفشية من حولنا كالسوس ينخر فلا يبقي من حضارة ولا يذر ..

تبدأ من البيت : حين تطيش يد الابن في الصحفة أمام الضيوف على مرأى ومسمع من الأب أو الأم فلا نسمع قائلا يقول:" يا بني سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك"

وتنتهي بالشارع حين يطيش أو تطيش بين الشوارع والأسواق بلا هدف .. فلا يرتدع برادع من خلق أو دين ..

من يقول لمصنع الجيل أن التربية تريد صبرا وحلما وحكمة ..

وأن الجيل القادم لن يصلح إلا بما صلح به الرعيل الأول ..

وأن التربية أوسع معنى من توفير الغذاء والكساء والبلاي ستيشن ..

وأن تنشئة جيل هي مهمة علينا أن نعد لها الجيل أيضا ومنذ نعومة أظفاره !

أزمة تربية .. حين تجهل كثير من بناتنا أبسط أسس إدارة وتدبير المنزل بحجة الانشغال بالدراسة ووجود الخدم .

أزمة تربية .. حين يجهل الشباب أبسط واجباتهم في المنزل تجاه أخواتهم أو زوجاتهم أو لا يلقون بالا لصلة ذوي أرحامهم ..

أزمة تربية .. حين نشهد مظاهر الإفساد في الأرض من المراهقين في المرافق العامة على اختلاف ألوانها ..

أزمة تربية .. حين تفقد الأم زمام ابنتها حتى قبل المرحلة المتوسطة فإذا هي تستسلم لرغباتها بحجة :"البنت تبغى كذا "

أزمة تربية .. حين ينصاع الأب أو يغفل عن ابنه فيذهب إلى مسجده وابنه ذو العشر سنوات يلعب مع رفاقه كرة القدم في باحة المسجد .

هذا إضافة إلى الإتيكيت الاجتماعي والتوعية بالقراءة وبآداب الحوار وأسس التواصل، فضلا عن مراعاة أسس التغذية السليمة ..

أزمة تربية .. أشعر أنها تزداد يوما بعد يوم مع الترف التكنولوجي والفكري السائد..

لست أحب أن أبكي على أطلال التربية وقيمها العليا .. لأن الأمة ما زالت بخير وما زال فيها تربية ناجحة بالتأكيد !

لكن هذا لا ينفي وجود أزمة بحاجة إلى اهتمام ونظر فعليين منا جميعا ..

نحن بحاجة إلى إعداد جيل من المربين بكل ما يستلزمه هذا الإعداد من أسس فكرية وقدرات تربوية عالية ..

من أبرز مشكلاتنا :

إيثار الحلول السريعة واستعجال النتائج .. ولو علمنا ان التربية تريد حلما وأناة لأعدنا النظر في كثير من سلوكاتنا التربوية ..

ومنها .. عدم تسمية الأشياء بأسمائها الصحيحة .. فالبلادة في البنت دلال وغنج.. وفي الولد مزاجية وطبيعة شخصية ..

ومنها أيضا أننا نغفل أحيانا عن دور القدوة في التربية سواء في استشعار القدوة في تصرفاتنا التي يلحظها الأبناء منذ مراحل مبكرة جدا من طفولتهم ، أو في عدم ربطهم بقدوات مشرقة واضحة الهوية قبل ان يكبروا فيرتبطوا هم بقدوات فارغة لا تزيدهم إلا فراغا وتخبطا وانحلالا ..

حين يرتبط الناشئ بقدوة فهي بنظره نجم .. سيهوي إذا هوى !



نحن بحاجة إلى العودة إلى معين النبوة الخالد .. نستقي منه نحن أولا ثم نروي جيلا يتعطش للقدوة .. ويتخبط بين الأشباح بحثا عن رمز يُحتذى وأسوة يتبعها .. حاجة ما سة إلى قدوة واتباع .. وحاجة إلى هدف .. إن لم نخطط لها معهم .. ضاعوا وتاهوا .. إلا من رحم ربك .. ووقتها ما أكثر ما سنسمع من يهذي فيقول فاطمة زوج النبي وعثمان خاله وأبو بكر أحد التابعين !


كثيرا ما أصادف أما تعامل ابنها أنه صغير .. ويكبر دون أن تنتبه - على ما يبدو - فتظل تعامله على أنه ذلك الصغير .. وانه حين يكبر فسيكون مختلفا .. وفي لحظة يكبر .. فتقر أنه كبر وان عليه من الآن أن يترك كذا ويلزم كذا .. لكن الولد لا يستوعب بعا هذا الانتقال المفاجئ من الصغير المدلل إلى الكبير المسئول .. فيتمرد !
وكذلك الحال في البنت .. صغيرة صغيرة صغيرة .. وفجأة عند المراهقة أو بعدها بقليل : أصبحتِ كبيرة وعليك أن تتحجبي .. ولا تخرجي هكذا ولا تلبسي هذا ولا تحادثي ذاك .... إلخ .. قائمة طويلة عريضة من الممنوعات فجأة .. تنفر منها وتؤثر ما نشأت عليه من تدليل وحرية .. وتتمرد على القيود الجديدة .. وقد تفرض رأيها فتنصاع الأم الطيبة بفهم خاطئ لقول الله تعالى: " إنك لا تهدي من أحببت "

أنا أومن تماما أني حين أريد لابني أن يعيش كبيرا .. فسأعامله منذ صغره على أنه كبير ..
وسأعلمه ان له مكانته التي يجب أن يحافظ عليها .. وأمنحه صورته المشرقة عن نفسه ..ولن أنسى أن أدعو له لينشأ قائدا ويكون في كل عقد واسطته وجمانته الفريدة ..

وحين أريده أن يكون صغيرا .. فسأدلله كثيرا .. وسأردد أمامه أنه صغير ولا يفهم .. وأنه لن يقدر على هذا ولن يحتمل ذاك .. حتى يكبر صغيرا .. ويعيش صغيرا ويُحشر صغيرا ربما !

الحديث ذو شجون .. ولا أشك أن لدى كل من سيمر من هنا دلوا دهاقا لا سيما في ظل جودة طرح كهذه ..

طبت وطاب الهم والكلم ..

تقديري،،

__________________
( لو كانت الدنيا تبراً يفنى والآخرة خزفاً يبقى لكان ينبغي للعاقل إيثار الخزف الباقي على التبر الفاني ،

فكيف والدنيا خزف فانٍ والآخرة تبرٌ باقٍ )


يحيى بن معاذ _ رحمه الله _

أبـو خـبـيـب غير متصل