بسم الله الرحمن الرحيم
بعد أن تقهقرت ولاية الدولة العثمانية الزاهية على جل بلدان المسلمين ، تنافس الإفرنج على بسط نفوذهم على تلك البلدان ، و تقاسموا الدول فيما بينهم ، و كانوا بذلك يطمحون إلى تفرقة العالم الإسلامي أولاً ، و إلى إيجاد حكام تحت إمرة تلك الدول يديرونهم كأنهم دمى و يسيرون على النسق الذي تريده هذه الدول ، و هنا في تلك الحقبة ، ظهرت غربة الدين ، و ظهرت مفاسد الاحتلال و الاستعمار لديار المسلمين ، حتى تمكنوا من وأد الفضيلة ، و استئصال الحياء ، و بتر الدين عن بعض أبناء تلك البلد .
و بحمد من الله و فضل أن كانت هذه البلد معزولة عن ذلك الحراك التغريبي ، و المعارك الثقافية التي كانت تدور بين سيادات تلك البلدان و بين العقلاء ممن رفضوا الانكباب على إملاءات الإفرنج ، و بعد بلادنا عن هذه المشاهد كانت لطبيعتها الجافة التي تشغل أبناءها بالانكباب على طلب لقمة العيش الغالية ، و أيضا خلوها من أي مطمع يمكن أن يقود لها أصحاب السياسات الخارجية ، حيث كانت أرضا قاحلة ، تكاد تخلوا من مقومات العيش .
و بعد أن انكبت الخيرات على بلدنا ، و توالت عليها النعم في عهد الرخاء و النعمة ، تناولتها المطامع الفكرية ، و التوجهات السياسية ، فكانت جديرة بأن يُجري المدبرون عليها ما جرى على جاراتها من بلدان المسلمين ، و بسط النفوذ الفكري و السياسي ، و حرمانها من الاستقلالية التي تنعم بها كل دولة ، بل كل شخص .
و من هنا تنبه الغرب إلى ضرورة هدم قلعة الخطر الذي يتهددهم ، و جز أصول الإسلام في عقر داره فهم يقومون بإفساد المجتمع و تفريغه من المقومات التي يستمد منها دينه، و بذلك يفقد قدرته على التماسك أمام الهجمات ، ليصبح لقمة سائغة للغرب ، فأنشأت المنظمات ، و شدت السواعد جادة لا تكل و لا تمل للقيام بمشاريع تغريبية تقصي الدين ، و تهدم الخلق ، و وجدوا بعد ذلك أن عليهم أن يتعاملوا مع سفراء يكونوا لهم ناقدين و لعملهم مقيمين و مرشدين ، فالتمسوا في بلادنا الخونة و العملاء فوجودهم مستعدين لاستلام المهمة ، و السعي لإضلال الأمة و هذه حقيقة لا يزال البعض ينكرها ، و قد فضح الله تدبير هؤلاء ، فعباراتهم الرنانة قد كشفت ، و عملاؤهم الخونة قد هُتكت أستارهم ، و السياسات الغربية اليوم تتخذ عملاء ليبراليين أو علمانيين من العرب ليكونوا قواعد تنفيذ المخططات في المنطقة ، و ذلك لوجود التجانس بين الطرفين ، لأن الساسة الغربيين وجدوا الراحة معهم ، و هؤلاء العرب المتغربون وجدوا الراحة كذلك في التعامل مع الغرب ، و قد كتب جون بي آلترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد الدراسات الدولية و الاستراتيجية الأمريكي : " أصبحت حاجتنا ماسة إلى ليبراليين من العرب أكثر من أي وقت مضى " .و بالفعل بدأ هؤلاء المستغربون الكيل للإسلام و مظاهره و مشاريعه ، و السعي الدءوب إلى هز الثوابت ، و السخرية بمظاهر التدين .
و إن كل هذه الجهود لتحتاج إلى وقوف حازم يسكت الخونة العملاء ، و يطرد محتلي الفكر و قاتلي الدين في النفوس ، و إن على كل فرد دوره المناط به . لكن هنا علينا أن نشير إلى الطرق الغير مباشرة لرد هذا العدوان المتلاحق ، فإن بأيدينا ما لا نزال نغفل عن دوره في تحريك هذه القضية ( كمسلمين ) إلى صالحنا ، فهذه محاضن التربية و التعليم ، و مشاريعها بين أيدينا لا تزال تنعم بالسلامة من اسيتلاء هؤلاء وهم يطمحون إلى الاستحواذ عليها و تسييرها لصالحهم كما فعلوا بالإعلام .
و قد أيقنوا بالخطر الذي يهدد جهودهم و يُبددها ، فراحوا يشككون في كل ما يمت للتعليم بصلة ، و يستغلون الأحداث و الوقائع لتسيير أصدائها لصالحهم ، و يتعاونون إثما و عدوانا للقيام بحملة منظمة في الإعلام على محاضن التربية و التعليم ، و على رأس تلك المحاضن حلقات تحفيظ القرآن الكريم ، و هي المقتل الحقيقي الذي يقضي على هؤلاء .
فلنمض أيها الأخوة في وثبة عازم ، و صبر صادق ، و جلد صابر ، ثابتين في تلك المحاضن ، و مستميتين في دعمها .
[poem="font="simplified arabic,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]ماضٍ فلو كنتُ وحدي و الدُنا صَرَخت = بي : قف . لسرتُ فلم أبطئ و لم أقفِ[/poem]
أما هؤلاء المستغربون فهانحن ننشيء جيلاً يتخرج من المساجد ليسكتهم و يكبتهم و يرد بأسهم ، بصدور تشربت كلام الله ، و عاشت مع الله ، و ستخوض المعارك لله ، و تنافح عن دينها لله رب العالمين لا شريك له ، و نصون ديننا و بلدنا من مشاريع الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون .
[poem="font="simplified arabic,5,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]لا بد من صنع الرجال= ومثله صنع السلاح
وصناعة الأبطال علم=فى التراث له اتضاح
لا يصنع الأبطال إلا= في مساجدنا الفساح
في روضة القرآن في=ظل الأحاديث الصحاح[/poem]
{ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا }
أخوكم / عبدالله