السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى ، وعلى آله وصحبه الشرفاء.
وبــــــــــــعــــــــــــد ،
موضوع غاية في الأهمية ، نسأل الله تعالى أن ينفع به ، خاصة في ظل غمز ولمز المجاهدين من بعض المراهقين.
فقد استفزني جدا ما نقله بعض الأحبة في عدة مشاركات من قيام بعض العواهج الضالة بنسبة المجاهد الأسد أسامة بن لادن إلى الخوارج، وأنا على اليقين أن هؤلاء العملاء مع مكرهم وكيدهم للجهاد والمجاهدين فهم لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، ولا يعرفون من الإيمان إلا الأماني الكاذبة، فهؤلاء يذكروني بقوم ابن سلول الذين قالوا في أسيادهم وقتئذ: (ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ـ يعنون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ـ أرغب بطونا وأكذب ألسنا، وأجبن عند اللقاء) وهكذا نجد التاريخ يعيد نفسه على يد ثلة مدسوسة من أعداء الله بعضهم عن حسن نية ، وبعضهم الآخر عن قصد وعمد لعرض من عروض الدنيا، وهؤلاء في الجملة عبارة عن دمية حقيرة يتلاعب بها أعداء الإسلام والحكام في كل مكان وزمان، مثلهم كمثل منافقي تحالف الشمال الأفغاني، أهلكهم الله جميعا وخلص الأمة من شرهم.
وبلا ريب لا يجوز ترك الساحة لهؤلاء الحثالة يسرحون ويمرحون كما تسرح وتمرح قطعان الإبل في الصحراء.
فيجب التصدي لهؤلاء الحمقى وكشف ترهاتهم ، وتعرية عوراتهم؛ ليحذر منهم أهل الإيمان.
فهؤلاء الرويبضة ينسبون المجاهد أسامة بن لادن إلى الخوارج، فهل هم على هدى أم ضلال؟! نجيب على ذلك في عجالة بما يلي:
أولا ـ تعريف لفظ الخوارج
لفظ (الخوارج) مفرده (خارج) ، فيقال: خرج من مكان ما، ووجد لأمر ما مخرجا أي : مخلصا.
والخارج : هو من يسود بنفسه دون الاعتماد على الغير. ومن هنا فالخروج معناه: الاستقلال بإبرام الأمور.
ثانيا ـ استخدام معنى (الخروج) في كتاب الله
لقد فسرت كلمة (الخروج) بمعاني مختلفة.
1 ـ ففي النساء : (ومن يخرج من بيته مهاجرا) فهنا معنى الخروج الهجرة في سبيل الله.
2 ـ وفي التوبة : (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة) فالخروج معناه هنا الجهاد.
3 ـ وفي التوبة أيضا : (فقل لن تخرجوا معي أبدا) فالخروج معناه أيضا الجهاد والغزو في سبيل الله.
4 ـ وفي ق : (ذلك يوم الخروج) أي الخروج من القبور للحساب يوم القيامة.
ثالثا ـ معنى الخوارج في الاصطلاح
من تأمل تعريفات أهل العلم لمصطلح الخوارج سيجد كما هائلا لتعريفات مختلفة، ولعل هؤلاء العواهج قد تعلقوا بأحدها كالغريق يبحث له عن قشة يتعلق بها فوجد قشة في كتاب ، فتعلق بها، أو تصريح أو تعليق من أحد العلماء ، فتترس بها ؛ ليقرر ما اعتقده قبل الاستدلال بسبب الفيروسات الخبيثة التي عششت في عقله بواسطة الإعلام النابح هنا وهناك .
المقصود أن لقب (الخوارج) اختلف في أصل إطلاقه ، فقيل:
1 ـ الخارج عن طاعة إمامه (أي حاكمه وسلطانه) .
2 ـ الخارج عن علي بن أبي طالب في معركة صفين .
3 ـ الخارج عن الدين .
4 ـ الخارج عن الناس .
وفي الجملة أستطيع القول أن لقب (الخوارج) يطلق ويراد به أحد أمرين:
الأول ـ سياسيا ـ وهو الخروج عن طاعة ولي أمره .
الثاني ـ عقائديا ـ وهو الخروج عن مذهب أهل السنة والجماعة إلى إحدى فرق (الخوارج) المعروفة بألقابها المختلفة في كتب الفرق كالأزارقة، والنجدات، والصفرية، والأباضية...الخ.
والذي أراه أن القسم الثاني ناتج عن الغلو المطلق مع قلة العقل والجمود، والتعصب المقيت للرأي. وهؤلاء يختلفون مع أهل السنة في لب العقيدة وأهم هذه المسائل:
1 ـ تكفير عثمان وعلي وجميع أصحاب الجمل ومن رضي بالتحكيم يومئذ.
2 ـ تكفير مرتكب الكبائر .
3 ـ الاعتقاد بأن القرآن مخلوق .
4 ـ إنكارهم رؤية الإله .
5 ـ إنكارهم لبعض السنن الثابتة بسبب تكفيرهم لناقليها .
6 ـ إنكارهم لعذاب القبر .
7 ـ الخروج عن السلطان الجائر .
هذه أبرز سمات فرق الخوارج العقائدية، وهذه الفرق العقائدية وليدة التأثر بالمذاهب البدعية التي ظهرت وقتئذ كالمعتزلة والجهمية، وإلا فإن أصل نشوء فرقة الخوارج كان بسبب عوامل سياسية محضة ، وهو القسم الأول من تقسيمي السابق الذكر.
فأصل نشأة الخوارج كان سياسيا ، ثم تطور الأمر فاختلط الجانب السياسي بالجانب العقائدي.
إذا تبين لك ما تقدم ، فهؤلاء الأفاكون العواهج الذين ينعتون أسامة بن لادن وسائر المجاهدين بأنهم من الخوارج يقصدون تصنيفه بالخارج سياسيا ؛ لأنهم على يقين أنه أكثر منهم سلفية في العقيدة ، فقد تتلمذ مثلاً الشيخ ابن لادن على يد أئمة سلفية هذا العصر ، ومدحه بعضهم كابن باز وابن عثيمين وطائفة من العلماء.
وهنا نركز الضوء على مسألة (الخروج السياسي) لأسامة بن لادن حتى نخرس ألسنة العواهج الهمج دعاة التلفية المعاصرة:
كما هو معلوم أنه بعد انتشار الإسلام واتساع رقعته صار في كل قطر إمام أو سلطان مستقل، ولكل منهم بيعته الخاصة، ولا تجب على أهل قطر طاعة إمام القطر الآخر.
فسيدنا أمير المؤمنين محمد السادس ملك المغرب لا يجب على السعوديين طاعته!!
وسيدنا بقية التلف أمير المؤمنين في الأردن عبد الله الثاني لا تجب طاعته على أهل مصر!! لأن لأهل مصر خليفتها الراشد وإمام الزمان حسني مبارك!!
فالفرق بين ما كانت عليه الولاية الإسلامية في أول الإسلام ، وما هي عليه الآن أوضح من الشمس في رابعة النهار كما لا يخفى. ومن أنكر هذا فهو مباهت وسفسطائي لا يستحق أن يخاطب بالحجة ؛ لأنه لا يعقلها.
إذا تقرر ذلك ، فقد كره ابن لادن مبايعة ولي أمر السعوديين وسلفه في ذلك بعض السلف الصالح، فهذا الإمام شهر بن حوشب لما جاءته بيعة يزيد بن معاوية قال: لو خرجت إلى الشام ، فتنحيت من شر هذه البيعة!! فخرج إلى الشام. ولم ينقل عن أحد من أهل العلم أن عابه على ذلك، وهكذا فعل أسامة ومن معه ، فقالوا: لو خرجنا إلى أفغانستان فتنحينا من شر هذه البيعة!!.
فلما خرج عن حكم السلطات السعودية، رأت السلطات المذكورة تأكيد ذلك المعنى بسحب الجنسية منه، وكفى الله المؤمنين شر القتال، فهذا دليل لا غبار عليه في موافقة الطرفين على فسخ عقد البيعة بين حاكم إقليم وبعض رعاياه سابقا.
ثم رأى ابن لادن توفر شروط الإمامة العظمى في أمير المؤمنين في الإمارة الإسلامية، فمد يده ببيعته فبايعه على السمع والطاعة.
فأنتم كما ترون أنه لا إشكال على الإطلاق من الجهة الشرعية في سلوك أسامة ومن معه من الأنصار، فليس في عنق الرجل غير بيعة واحدة للملا عمر، فإن أعجب هذا التلفية المبهرجة فالحمد لله، وإن لم يعجبهم ، فليشربوا من ماء البحر ، ولا كرامة.
أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن ينصر المجاهدين في كل مكان في أفغانستان والشيشان وكشمير وفلسطين والفلبين يا رب العالمين .
وكتبه/
"محتسب"