..
كنت قد وعدت بالعودة من أجل تحرير الأمر في مصيبة المسلمين الأخرى و هي : الولع و الشغف بهذه الكرة و الرياضة ، و لست هنا مفتياً شرعياً ..
و لكن يؤسفني هذا الانكباب الرهيب على هذه الكرة و الرياضة بشكل يدعو إلى الحيرة فعلاً ، و يدل على أنها مخطط صهيوني هدفه إشغال الأمة و إبعاد شبابها عن قضايا أمها ، و زرع نماذج مثالية تقتدي بها الشباب من خلال هذه الرياضة ، و من خلاها قُلبت مفاهيم البطولة ، و تغيرت أساليب الشباب في اتخاذ القدوات و محاكاتهم و تقليدهم ، و أصبح الأمر لا يعدو كونه تخدير للأمة و لشبابها عن قضاياهم المصيرية ، و إلا فالله عليكم كيف تسمح لهم نفوسهم أن يبذروا و يفجروا في أموالهم في هذه الدورات الرياضية ، و هناك من يبعد عنهم الكيلوات و يجاورهم في الحدود لا يجد بطانية يتقي بها شديد البرد و زمهريره ..!
و أما المتابعون ، فجل حديثهم عن التحليلات الرياضية ، و الجدل الرياضي الفارغ ، هذا الوقت هو وقت التربية ووقت الإعداد ، ووقت البناء الفكري ، و النمو الثقافي ..
أشعر أننا نعاني من خلل كبير في فهم الرياضة ، فبدلاً من أن تتخذ وسيلة أصبحت غاية ، فهاهي الخيول تجوب ميادين الفروسية ، و تباع بأغلى الأثمان ، و هي حبيسة في هذه الاسطبلات ، و هاهم اللاعبون يتنقلون كسلع بين الأندية بمبالغ تحيي بها مُدن ، و تقيم بها مشاريع ، و في النهاية تجد هذا الملايين المملينة من أجل قدم تجيد مداعبة الكرة و التحرك بمهارة ، في حين أن مسؤسسات التربية و التعليم تعاني من قصور و عجز في الإداراة المالية مما يحد من إنتاجها و يُقلل من دورها المأمول الذي هو العز و اتلفخار لكل أمة و لكل فرد ..
في ملاعبنا هتافات فارغة ، و انتماءات باطلة ، و حب وولاء سببه قطعة جلد تركل بقدم ، و بغض عِداء عائدٌ لذلك السبب ، أين العقلاء ، أين النجباء ، أن رواد الرياضة في ميادين الفكر و الثقافة و البناء ، لا تكاد تجد إلا حضوراً هزيلاً لا يتناسب مع ما يُقدم للرياضة من إمكانات ، و ما يوفر لها من طاقات ، و قد جلسنا مع لاعبين سابقين و عرفنا منهم ما كنا نتوقعه من هذا المجتمع الفاسـد ..
أخيراً لكل شغوف بالرياضة أقول ..
أي الأمور يمهك أكثر و يأخذ من تفكيرك أكثر ..
أهي دورة الخليج و المباريات ... أم هموم أمتك و قضاياها ..!