بسم الله الرحمن الرحيم
الكاتب يعيش مع قلمه كما يعيش الفارس مع فرسه يقوده و يوجهه و يُرسله و يُلجمه ، و لكل كتابة تبعاتٌ و ثمرات ، منها ماهو صالح يسر الكاتب و القارئ ، و منها ماهو فاسد الثمرة وفاسد الأثر ، و يزيد على هذا الكاتب المسلم الذي يستشعر دور الكلمة و أثرها في الدنيا ، إضافة إلى دورها و أثرها في الآخرة .
كنت أرتِّب بعض الأوراق الخاصة فأطَّلِعُ على أوراقٍ قديمة من إرشيفي القصير ، فوجدت كمًّا هائلاً كتبتُه و تركتُه ، حتى نسيتُ بعض تلك الكتاباتِ فلم أتذكر ظروفها إلا بعد إمعان في التكفير و تكرار لعملية التذكر و التأمل ، ثم وردت على إرشيفِ موضوعاتي في هذا المنتدى و في منتديات و مواقع أخرى ، فوجدت كتباتٍ عديدةٍ ..
:::: حينها فاجأني سؤال قوي وهو : لماذا كل هذا ..؟! ::::
لماذا نكتب .. سؤال كبير و إجابته عظيمة ، و غايات الناس فيه عديدة ، فمنهم من يكتب لنفسه و منهم من يكتب لغيره ، و منهم من يكتب لنفسه و لغيره ، و من زاوية أخرى نجد منهم من يكتب من أجل عقله و منهم من يكتب من أجل عاطفته .. كمٌّ ضخمٌ هائل من مقالاتٍ و كلماتٍ سطرناها ثم نسيناها ، و لربما أردنا بها الإفادة و التوجيه لكننا سرعان ما نخالفها مناقضين أنفسنا لنصبح كالذين يقولون ما لا يفعلون ، و قاصمة الظهر و التي باستشعارها يحدث الإنسان نفسه بالتوقف عن الكتابة هي : كيف ستكون كلماتنا بعد رحيلنا ..!
لك أن تتخيل بعد سنوات و أنت تحت أطباق الثرى تلقى حسابك ، و كلماتك تشهد عليكَ بعدَ أن تُخلد في هذه الصفحات فتتمنى حينها أن يدك لم تخط كلمة واحدة ، إما لبشاعتها ، أو لبشاعة مقصدها ، و كم من كاتب بقيت مقالاته مئات السنين لا تزيده إلا عذاباً في قبره و حسراتٍ في آخرته و بعداً عن رحمة ربه ، و لله درُّ كتابٍ أخلصوا لله فيما يكتبون فحطوا رحالهم في الجنان من سنين و كل يوم تشرق فيه الشمس تتضاعف حسناتهم و ترتفع درجاتهم ، فاللهم ارحمنا برحمتك ، و سدد أقوالنا و أفعالنا على الوجه الذي يُرضيك عنا ، و اجعل بها تقويماً لأنفسنا و لإخواننا الذين آمنوا ..
فما أحوجنا أن نكون صرحاء مع أنفسنا ، و صادقين مع ربنا و مع إخواننا ، و ألا تلهينا غمرة الكتابة عن قضايا مصيرية و حقائق شرعية لا بد و أن نتعرض لها يقينا لا نشك فيه ، فاللهم سلم سلم .
[poem="font="simplified arabic,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]و ما من كاتبٍ إلا سيفنى = و يبقي الدهرُ ماكتبت يداهُ
فلا تكتب بكفكَ غير شيءٍ = يسرُّكَ في القيامةِ أن تراهُ[/poem]
أخوكم / عبدالله .