[قاهر الروس]

.
.

بَعدَ أخذٍ وَرَدٍّ فَتحوا لَنَا قَاعِةً جَديدَة ، أحسَسَتُ بِثُقليْ عَليهِم ، لِكَثرَةِ طَلبَاتي مَعَ أنيَ أصغَرُهم أي كَمَا يُقَال [ شين وَقوي عين ] ، مَرَّ اليومُ الأولُ بِسَلام ، الطَّاقِمُ التَّعليمي لَمْ يَتَغيَّر .

حينَمَا دَخلتُ في الصَّبَاح ، تَفَاجَأتُ بِطَالِبَةٍ جَديدة ، مَا لَفتَ نَظري وَاستِغرابي ْ هو في لحظةِ دُخوليَ وَضَعتْ لِثَاماً على وَجهِهَا ، لَكِنَّ المَريرَ أنَّ مَقعديْ خَلفَهَا .
وَضَعتُ أغرَاضيَ ثُمَّ استَأذَنتُ للخُروج ، مَا حَدَا بالمُعَلِّمِ بِأنْ يُظهِرَ علامَاتَ الاستِغرَابْ .

اتَّصَلتُ على المُشرِفَة ، والتي مَا أنْ أغلَقتُ المُكَالمَة حَتى حَضَرتْ إلي !!
حِرصٌ أجِدهـُ مِنَهَا شَديد ،[ مَاذا تُريدُ سَاصنَعُ وَسَأفعَل ] كَلِمَاتٌ حَفِظَتهَا أُذني مِنْ كَثرَةِ تِكرَارِها ، تَعَتَقِدُ أنَّ الأمَرَ عَظيم .
أخبَرتُهَا أنَّ كُل مَا في الأمرِ ، هَو َ أنيْ أُريدُ مَقعديْ في الصَّف الأماميْ وَيُحَدَّدُ لي ، لأنَّ مَقَاعِدَ الجُلوسِ بِعشوَائيَّة .

مَاَدَامَ أنَّ هَذهـِ المُشرِفَةُ مَوجودَةٌ فَإنْ شَاءَ اللهُ كُل شَيءٍ مُتَيَسِّر .
بِلَحَظَاتٍ يُوضَعُ لي مَقعَداً يَحمِلُ اسميْ ، هَمٌّ انزَاحَ عن صَدريْ .

لا أُخفيكُم أنَّ هُنَاكَ مِنْ الطُّلابِ مَنْ يَتضَايقُ مِنْ وُجوديَ ، لأنَّهم لا يَأخذون رَاحَتَهم ، فَأنا كَمَا قُلتُ سَابِقَاً [ راعي تنكف ] .

أصبَحَ الأمرُ شِبهَ اعتيَاديَّاً ، غَيرَ أنَّه مَازاَلَ غُموضٌ يَلفَّ في قَاعتِنَا
نَقلوا إلينَا بَعضَاً مِنْ الطُّلابِ الذينَ هم مِنْ بِلادي .
وَهُم أحَدَ الأسبَاب لأطلُبَ قَاعَةً أُخرى ، لَكن إلى مَتَى سَنَهرُب منهم ، لِمَا لا نُوقِفُهم .

كَانوا ثَلاثةَ طُلابٍ بِمَقَاعدَ مُتَتَاليَة ، لا تَكَادُ تَسمَعُ مِنهم سِوى [ شف الطالبه هذي وش زينه ] ، [ أجل المدرسه هذي والله ياهي تهول ] !!
جَالَ في نَفسيْ شُعورٌ صِرتُ أُكَذِّبُ نَفسيْ ، فَأنَا لَستُ بِمبنى للتَّعليم ، إنَّمَا في إحدى دورِ الصَّيَاعةِ .
كُنتُ أتَجَرَّعُ مَرَارَةً عِندَ كُلِّ حَرفٍ أسمَعهُ مِنهم ، لكنَّهم أكثَرُ عدداً مني فَكيفَ سَأوَاجِهُهم .

شَعبٌ كَأنَّ عُقولَهم قَدْ زُرِعتْ في شَهوَاتِهم ، انتهَى الدَّرسُ وَخرجَتُ لِفترةِ استِرَاحة ، لكنيٍْ لَمْ أخرُجَ حتى خَرَجتِ الطَّالبَة ، لأنَّ بينَنَا أعينٌ تَلتَهِمُ الأجسَاد ، تَبَّاً لَها .

الدَّرسُ التَّاليَ لأحدِ المُعَلِّمينَ الذينَ لَهُم مَكَانَةً عَاليَةً عِنديْ ، وَأيضَاً أُحِسُّ بِنَفسِ الشُّعورِ مِنه تِجَاهي .
بَدَأ الدَّرسُ بِكُلِّ حَسَاسيَّة ، هُم يَترقبوا مِني شَيئَاً وَأنَا كَذَلك ، لكنيْ مُبطِنٌ الأمرَ علَّ وَعسى أنْ يَعرِفَ أحدُهم خَطأهـ .
إستَأذَنَ المُعَلِّمُ لِتَأتي بَدلاً عنهُ مُعَلِّمَة .. هُنَا بَدأتِ المُشكِلَة :
كَانتِ المُعَلِّمَةُ طَيبَةً لأبعدِ الحُدودِ مَعَنَا جَميعَاً ، وَهيَ شَابَّةٌ قَدْ وَهَبَهَا اللهُ حَقَّهَا مِنْ الجَمَال ، تُحبُّ الضَّحِكَ عَنْ نِيَّةِ حَسَنَة ، لَكِنَّ الثَّلاثَةَ يُخططوا لِشَيءٍ أعظَمَ مِنْ ذَلك .

أكمَلتِ الدَّرس ، وَفي أحد فَقرَاتِ الكِتَابْ ، عَليكَ أنْ تَستَمِعَ لأغنيَةٍ سَتُشَغِّلهَا ، ثُمَّ تُكملَ الكَلِمَات مِنْ هَذهـِ الأغنيَة ، لَمْ أكُنْ أعلَمْ أنَّ هَذا هُوَ المَطلوب ، سِوى أنيَ تَدَاركتُ ذَلِكَ حينَمَا شَغَّلتْ المسجلَ لِيرتَفِعَ صوتُ المُوسيقَى .

أنَا بِطَبيعَةِ حَاليَ حَتى لو كُنتُ أسمَعُ الغِنَاَءَ – لا قَالهَا اللهُ – لَنْ أسمَعَهَا عِندَ أحَدٍ لأنَّ ذَلِكَ مُجَاهرَةً بالمَعصيَة .
خَرجتُ دونَ إستِئذَانٍ ، مَا جَعلنيْ أنَدمُ عَلى تَصَرُّفيْ هَذا ، لَحقِتْ بِيْ وَهيَ تُردد [ Why ?!! ، What's up ] ، شُعورٌ جَعلَ ضَميري يُؤنبُني عَلى تَصرُّفي هَذا ، فَهيَ تَسيرُ خَلفيَ وَكَأنَّ لَها مَصلَحةً عِندي ، أخبَرتُهَا أنيَ لا يُمكِنُ أنْ أتَعَلَّمَ عِلمَاً يَدخُلُ فيهِ مُحَرَّمٌ ، فَمَا عِندَ اللهِ لا يُؤتى إليهِ بالحَرَام .

بَعدَ حَديثٍ طَويلٍ عُدتُ لأحمِلَ كُتبيْ ، وأدخلَ في مَكَتَبِهَا ، حتى تَنتَهيَ مِنْ تَشغيلِ المُوسيقى لِبَعضِ الطُّلاب ، لَمَّا انتَهيتُ وَعُدتُ للصَّف وَجدتُهَا قَدْ وَضَعتْ لِيَ وَرَقةً على مَقعدي فيهَا :



مَعَ العِلمَ أنَّي وَقتهَا لَمْ أكُنْ أعلَمْ مَاذا تُريد

في لَحَضَةِ دُخوليَ كَانَ هُنَاكَ بَعضُ التَّجريحِ ، أحدُهم يَقولُ أنيَ مُتَخَلِّفٌ ، وَآخرُ يَقولُ لو كُنتَ رَجُلاً لَمَا جَعلتَ شَعرَكَ إلى مُنتَصَفِ ظَهرِك ْ ، إعتَقَدتُ أنَّ الأمرَ إلى هُنَا سَينتَهيْ .
قَالتْ المُعَلِّمَة : فَترةُ بريكٍ ثُمَّ عودوا ، إلا أنَا فَالأمرُ ليْ شَخصيَّاً يَتَطَلّبُ جُلوسيْ .


* تَرجمةُ مَا في الورَقة :
آسفة على ما حدث في قاعة الدروسِ [ أو مَا شَابَهَ ذَلِك ]

يَتبَعُ ..
[ إنْ يَسَّرَ اللهُ ذَلِك ]

.
.