..
الشياب معاناة .. لكنهم حلاوة الحياة ، و والله أنني أشعر أن الدنيا تظلم برحيلهم عنها ..
أذكر أنني كنت أحضر دورات في مركز الأمير سلمان الاجتماعي بالرياض ، و كان فيه نادي رياضي ، يضم كوبة من ( الشيّاب ) الذين أصبحو من زملائنا على الرغم من فوارق السن ، في هذا النادي يجتمعون و يمارسون أنواع الرياضات <=== هذا اللي فيه حيل . و كنا نمازحهم و يمازحوننا ، فيرى الإنسان هؤلاء بروح متجددة و ربما ( مصابية ) بعض الشيء ..
و أغلبهم ( مقطن ) في المسبح لا يخرج منه إلا للصلاة .
في بيتنا كان يسكن معنا عمي ( رحمه الله ) .. كان مرحاً خلاف غيره ممن هم في عمره ..
و لكن أنا أتقبل منهم كل شيء لأنهم أناس قد صهرتهم هذه السنين ، و رأوا منها الأهوال و المصائب .. عاشوا حياة العناء و الشقاء و الجفاء ، فتأثرت تكوينات شخصياتهم و مالت إلى الشدة تفاعلاً مع العيش الذي لا قوه ..
لن أنس دمعة انسكبت على خد ذلك الشيخ الكبير في السن بعدما هم بالأكل , فسأله والدي ( رحمه الله ) عن سر هذه الدمعة في هذا المكان ، فذكر أنه في صغيره كان يتتبع مواطن مكث البدو بعد رحيلهم لينبش الأرض بحثاً عن ( نواة التمر ) لي يمصها من الجوع الذي لم يمهله ..
كبار السن يحتاجون إلى سياسة في التعامل ، و كلهم من هذا النوع إلا القليل النادر ..
كبار السن يحتاجون إلى إنسان يُخبرهم أنه يهتم بهم ( ولو مجاملة ) ، من خلال الحديث معهم ، و سؤالهم عن تجاربهم ، عندها يطير هذا الكهل بمن يُجالسه و يؤانسه ، و يشعر أنه ذا قيمة و مكانة ، فتسكن نفسه و يهدأ باله ، و هذا جربته مع كبار السن ووجدته سمة ظاهرة فيهم ، على مختلف أماكنهم و بلدانهم ، و أنا أترقبهم في الحرم المكي و أتحدث إليهم ، حتى من الباكستانيين و الهنود و الأتراكـ ، و غيرهم .. و إذا جاءهم شخص و جلس إليهم و سألهم عن الماضي و كيفيته ، بدأ في سرد الذكريات و تنشطت روحه و ابتسم و عاد النشاط إليه ، و بدأ يحيي في نفسه أحاديث الشوق و الحنين إلى الماضي .. حتى يشعر بعد ذلك بأنك قدمت إليه جميلاً و معروفاً ، و كثير منهم يطلب معاودة اللقاء و استمرار التواصل ..! لأنه شعر بمن يهتم به .
واجبنا الإسلامي ، و الإنساني ، و الاجتماعي .. كبير نحوهم .
و هم فئة غالية جداً بالنسبة لنا ، و إن بدا منهم ما بدا ، و كما قال عليه الصلاة و السلام : ( إن من إجلال الله ، توقير ذا الشيبة المسلم ) .
شكراً
آخر من قام بالتعديل الـصـمـصـام; بتاريخ 08-02-2009 الساعة 11:09 PM.
|