يُحكى أن طبيبًا أبيض البشرة في جزيرة أهلها كلهم من ذوي البشرة السوداء , فكان أن ولدت امرأة أحدهم وليدًا أبيض اللون , فشك الأب في الطبيب , فراح الطبيب يمثل له في أغنام الجزيرة , حيث ولدت شاة وليدًا أسود اللون , بينما الأغنام كلها بيض , فما كان من الأب إلا أن قال للطبيب بخبث : اصرف النظر عن وليد الشاة , وسوف أصرف النظر عن ابني ! !
تلكم قصة رمزية لما يدور في الدنيا وأحوالها , وفي مفاجآتها وتوفيقاتها , وما أحد نال مبتغاه إلا حين ابتسمت له الدنيا دون غيره , ومن الغريب أن يقول صاحب الفرصة : لقد نلت ما نلته بتعب وكد . . . وما علم أن الظروف قد هيئت له , فتراه يمر بسيارته وهو ذاهب إلى الجامعة ويرى غيره يعمل من أجل لقمة العيش , فلو أتيحت فرصة الدراسة لمن رآهم لكانوا ربما أفضل منه من حيث التعلم ونيل الشهادات !
إن النظام الملكي حدث طارئ على المجتمعات البشرية , فالمجتمع المتحضر هو الذي يختار قادته بنفسه , والشعوب هي الأصل في كل شيء , ولو تأملنا في النظام الإسلامي لوجدنا الشورى في كل شيء , ولا يقتصر الأمر في اختيار ولي الأمر فحسب , بله قد يحتاج المجتمع إلى تجديد في شرائعه ودستوره , فالجلد قد تضاعف لشارب الخمر في عهد عمر , وفي عام الرمادة أسقط حد السرقة . . . وهكذا دواليكم !
إن المجتمع الراكد الذي لا يتطور هو ذاك المجمتع الذي لا يشترك فيه شعبه في اختيار ما يريد , فالوزير المختار من قِبل الشعب تراه يخاف الشعب ألف مرة , وويل له إن غضب عليه من اختاره , فإنهم سيسقطونه كما رفعوه , بينما النظام الملكي يختار , والوزير معني برضا النظام دون الشعب , فيطأ الشعب من حيث يدري ولا يدري !
إن مجتمعنا راكد , وتطوره بطيء إلى حد لا يوصف , فمجتمع بلا انتخابات قلما تضمن له الحركة الناموسية التي هي من سنن الحياة , فهو شعب مكبل , أو بالأحرى يسير بقدم واحدة , فلا نلبث كثيرًا حتى ينعكس هذا على الشعب كله , فترى الموهبين قلما يتطلعون إلى التميز , فتقدير مواهبهم في يد ولي الأمر وليس يد الشعب !
على أن الوزراء ومن في حكمهم في الدول الأخرى هم من اختيار الشعب بما فيهم رئيس الدولة كما هو معلوم , بينما النظام الملكي عكس ذلك تمامًا , فإن فكّرت – عزيزي القارئ – في الوزارة فانظر إلى النظام ولا تنظر إلى الشعب , وبئس النظر !