[frame="11 70"]
الله أكبر
لله درهما من عالمان كبيران
نسأل الله أن يفرج عن الشيخ سليمان
وقد ذكر الشيخ سلمان في سيرته الذاتية ( طفولة قلب )
أن له بعض جلسات السمر الخاصة التي تقام بين الفينة والفينة
ويدعى لها مثل الشيخ سليمان العلوان، أو بعض الضيوف الطارئين على المدينة
وهنا بقية المقال :
أصحاب المفاتيح
لم يكن ثمة كثير شيء يخاف عليه؛ بيد أن منح أحد الشبيبة نسخةً من مفتاح الباب يعني له الكثير؛ لقد أصبح متمكناً وأميناً، وحصل على الثقة، وفي نظره كشابٍ في العشرين فهو قد ملك مفتاح الحياة والمستقبل والنجاح، وأصبح للميدالية أكثر من معنى!
وسحْبُ تلك النسخة يعني أنه أخفق في الامتحان، وتلقائياً سيسحب نفسه من المشهد ويختفي في الزحام.
شَطْبُ شخصٍ ما يقتضي أن تغير المفاتيح كلها من جديد كإجراء احترازي، هل كانت تربية الحسّ الأمني من مقاصد تلك الحركة؟ ربما، بيد أن هذا غالباً يحدث باقتراح من أحد أصحاب المفاتيح الأساسية ينم عن اهتمام وحرص، ولا بدّ أن يقابل بالرضا!
حمل المفاتيح كان تعبيراً عن الثقة، والحفاظ عليها باقتراحات كهذه هو تعزيز لتلك الثقة.
( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ):
خالد، يوسف، أبو سهيل، عبد الرحمن، محمد المرشود، هم ضمن القائمة.
ولا يزال في الجعبة مزيد..
أبو صالح، ذلك الفلاح البسيط، تعرّف إليه يوم كان طالباً في المدرسة الثانوية العامة، وأثناء جهد مبذول لكسر طوق العزلة بين طلاب المعهد العلمي، وطلاب الثانوية، ممن يجب أن يكونوا محلاً للدعوة والتربية والتثقيف، وشاركه العديد من الرحلات والأسفار، وبدت شخصيته واضحة بلا تكلف، الصدق والصفاء والهدوء والتحمل، خدمة الآخرين باغتباط، السلاسة والسهولة، الذوق الخاص في الملبس والمأكل والنوم والتعامل.
وقد يغتدي إلى سوق هنا أو هناك والطير في وكناتها, ثم يعود كما تعود الطيور بطانا, تنام في أعشاشها حين يرتخي صدر الليل, فتخدر معه أحلام المبكرين، القهوة العربية وليس الكابوتشينو، التمر وليس الكاكاو والشوكولاته، لحم الغنم أو الإبل، وليس السمك أو التونة!
حين تتمخطر الشاة-أو تتبعطز على حد تعبيره- فهي تسكب ألحانا مميزة في أذنه..
يتعامل مع ما يخرج من الأرض، فهي أمّنا الرؤوم، و(مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ) ؛ فأسرار الصحّة فيما تنبت، أما المعلبات والأطعمة الجاهزة؛ فهي مرفوضة بدون جلبة أو تعليل أو منطق، يكفي أن الذوق لا يقبلها, ولا يستجيب لرائحتها.. هذه هي الأرض صدق فيها الشابي حين قال عنها بأنها تحب الحياة ، وافترى حين قال بأنها تكره البشر:
وقالتْ ليَ الأَرضُ لما سألتُ أيا أمُّ هل تكرهينَ البَشَرْ
أُباركُ في النَّاسِ أهلَ الطُّموحِ ومَن يَسْتَلِذُّ ركوبَ الخطرْ
وأَلعنُ مَنْ لا يماشي الزَّمانَ ويقنعُ بالعيشِ عيشِ الحجرْ
هو الكونُ حيٌّ يحبُّ الحَيَاةَ ويحتقرُ الميْتَ مهما كَبُرْ
فلا الأُفقُ يَحْضُنُ ميتَ الطُّيورِ ولا النَّحْلُ يلثِمُ ميْتَ الزَّهَرْ
ولولا أُمومَةُ قلبي الرَّؤومُ لمَا ضمَّتِ الميْتَ تِلْكَ الحُفَرْ
فويلٌ لمنْ لم تَشُقْهُ الحَيَاةُ منْ لعنةِ العَدَمِ المنتصرْ
.. وَلِلناسِ فيما يَعشَقونَ مَذاهِبُ..
يتندر عليه أصحابه أنه يغيب عن جامعة الملك سعود حيث كان يدرس في اليوم الذي تفوح رائحة السمك من المطبخ !، ويكفي لتحرمه لذة المائدة أن تضيف إليها وجبة من التونة أو حتى الزيتون!
ويالمرارة الطرقة ! حين يصبح رهين محبسه، لا يملك من أمر نفسه شيئاً، وعربة الطعام تمر على الجناح، أو "الونق"- كما كان يسمى- غرفة غرفة، والطعام موحد: السبت دجاج، والأحد لحم، والاثنين سمك الكنعد, الذي ارتبط في الأذهان فصار مكروهاً من الجميع لذكراه الحزينة !.. ولا مفرّ، حتى الرائحة تزكم أنفه، وتشارك في حصاره!
في بداية علاقته تولى جانب الخدمة الإنسانية وتوزيع الأعطيات والأطعمة على البيوت الفقيرة؛ للمريض والأرملة ولليتيم، وكان يعمل باحتساب وتضحية يقل نظيرها.
ثم تولى إلى ذلك، أمر توزيع الأشرطة، لقد صُرفت عشرات الملايين من الريالات، لبضعة ملايين من الأشرطة، خَاصّة من أشرطة الدروس العلمية في الجامع الكبير، والمحاضرات العامة، وأحياناً شريط لهذا الشيخ أو ذاك، الشيخ صالح بن حميد في بعض خطبه، الشيخ عبد الوهاب الطريري، الشيخ سفر الحوالي، الشيخ ناصر العمر، وآخرون..
الكرم يبدو في العطاء بدون مَنٍّ ولا أذى، وبكميات كبيرة أياً كان هذا المعطى. المئات يطرقون الأبواب، ويسألون عن الشيخ علي بن عبد الله الدخيّل! متعهّد شؤون المنزل، فهو المسؤول عن توفير الاحتياجات من طعام وشراب وذبائح، هذه المهمة التي اضطلع بها بجدارة، وظل حفياً وفياً بها دون انقطاع، غير متأفف من تكرر الطلبات، أو الإلحاح، أو الاستعجال.. ولا يزال.
وإنما تطيب الحياة وتصفو بهذه النفوس الصافية السهلة, التي لا تعرف التعقيد, ولا المكر ولا التضجر.
على رفيقي ما يتغضب حجاجي إن قال:قم.سو الغرض، قمت أسويه
أدرى رفيقي مثل ضو السراج أقل نسناس من الريح يطفيه!
أحمد الصبيحي، المدرس بمعهد الرّس ، يجلس إلى شيخه, يبوح له بأن لديه رغبة ملحّة أن يشاركهم حياة الفريق، وهو الرجل الذي يعمل بصمت، حتى لا تظن أنه ينجز ما أنجز، وربما نفعه هذا في المواقف الصعبة التي مرّ بها، حيث شخصيته الهادئة لا تنم عن شيء آخر، الطرود البريدية بمئات الآلاف إلى بقاع الأرض كلها، وخاصة مصر وليبيا والجزائر واليمن.. برسائل توجيه وكتب وأشرطة، ومتابعة عبر البريد، كميات تصادر ، ولكنه يعمل بسياسة الإغراق، والرسائل الراجعة تؤكد وصول الكثير وتحمل عبارات الشكر والتقدير!
هو الوحيد، ربما، الذي ظل في عمله حتى النهاية دون انقطاع أو تغيير.
شخصية شديدة الهدوء ظاهراً، قوية الترابط الاجتماعي، واسعة العلاقات، حاضرة النكتة، هو من القلائل الذين يصنعون النكتة ليكونوا هم محورها، فلا حرج أن يضحك الآخرون منه أو يضحكوا عليه، وأن يكون هو نقطة التندر. من الثقة أن تسوق المواقف المحرجة والصعبة التي مرت عليك دون تردد، وأن تسمح للآخرين أن يتعجبوا منها دون أن تشعر بالضعف أو الارتباك.
كصاحبه الذي قبله.. تتساءل هل يعرف معنى الغضب أم لا؟ فأنت لا تراه مغضباً، حتى حين يُشتم أو يهان، فهناك الابتسامة أو الصمت، وقد لا يحسن، أو لا يريد، أن يدافع عن نفسه، أو يوضح موقفه!
سليمان أبا الخيل.. البداية كانت في مركز المعتصم لخدمة الطالب، حيث كان يطبع إعلانات الدروس والمحاضرات، وامتد الأمر لطباعة بحث أو قصيدة.. اقترب ليكون من أكثر المترددين على المكتب حظوة وحباً، ويشارك في جلسات السمر المسائية مع الأعضاء، أو جلسات السمر الخاصة التي تقام بين الفينة والفينة ليدعى لها مثل الشيخ سليمان العلوان، أو بعض الضيوف الطارئين على المدينة.
لم يكن أبو إبراهيم من أصحاب المفاتيح، ولكنه بعد خروجه وعودة المياه إلى مجاريها أخذ المفاتيح كلها، وغدا مديراً للمكتب الجديد.
خبرة إدارية، ودقة مالية، وتفانٍ وإخلاص، وأمانة يحاسب فيها نفسه على القليل والكثير من الوقت أو المال، أفلح في تأسيس المكتب الجديد، وصنع من العاملين معه فريقاً منسجماً متجانساً، وتابع المهمة دون ملل، طباعة الكتب، المقالات، إعداد المادة الأولية للمحاضرات والدروس والدورات والبرامج الإعلامية، أرشفة كل ما يرد إلى المكتب، خاصة من مسودات البحوث والمقالات، الطباعة، التنظيم المالي، التنسيق مع دوائر أخرى كالمؤسسة, أو الموقع الإلكتروني, أو دائرة النشر، والتعاطي مع البريد الإلكتروني, وما يعنيه من تدشين مرحلة جديدة من العطاء والتواصل والانفتاح.
المكتب الجديد بفعالياته، وبشخوصه المؤثرين، يقف على قائمتهم أبو معاذ مجدي نجاح، وإخوته، ودائرة البحث العملي والبريد بقيادة يوسف العِمِر – بكسر العين والميم- هو حديث آخر له سياقه ومناسبته.
في الغرب تعطي الأسرة لشاب في الثامنة عشرة مفتاحاً رمزياً تسميه "مفتاح الحياة" يعني أن عليه ألا يعتمد كثيراً على أسرته ومنزله، وأن يبحث عن ذاته خارجها في ميادين الحياة المختلفة، وتعرف الأسر الغربية ما يسمى بـ" أطفال المفاتيح" الذين يحرمون من حنان البيت بانشغال الأبوين ويتعاملون مباشرة مع المفتاح في وقت مبكر.
المفتاح فلسفة ذات بعدٍ تواصلي، يتعاطى معه الإنسان بعفوية تامة، بينما يتغلغل معناه في أعماقه، معبراً عن السكن والنجاح والطموح، وحتى في المنام؛ فرؤية المفتاح تعني فتح الأمر المغلق وتفريج الكربة والصلة والرزق، ومن الحسن التفاؤل بالأسماء والرموز، ولعل أصحاب المفاتيح ممن حسنت أسماؤهم فكانت مصدراً للفأل، بالسهالة والمجد والصلاح وزوال الغربة والنجاح.
[poem="font="simplified arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]شباب كما الإسلام يرضى خلائقاً = ودينا ووعياً في اسوداد المفارق
قلوبهم طهر يفيض عن الورى = وأيديهم تأسو جراح الخلائق
هم الحلم الريان في وقدة الظمأ = وليس على الآفاق طيف لبارق
هم الأمل المرجو إن خاب مأملٌ = وأوهن بعدُ الشوط صبر السوابق[/poem]
[/frame]