بسم الله الرحمن الرحيم
ربما حفظ الجميع ما سأقوله ، و ملوا ترداده في كل وسيلة ، و تكراره في كل مناسبة ، و لكن التذكير ينبغي أن يتكرر بحجم المآسي التي تتكرر ، حتى أصبح من يقف و يباشر قصص مشاكل الفتيات يعيش حالة من الإحباط و اليأس من واقع المجتمع ، و تكررت عليه المآسي حتى انتزعت من قلبه التفاؤل بفتيات الأمة الصالحات ، و حجبت عن عينه صوراً مشرقة لا زالت تنبض بالعطاء و البناء في المجتمع .
أيتها الفتاة ، لا تتوقعين أن بداية الاقتحام صعبة ، أو أنها نقلة نوعية في الخلق و السلوك ، و لكنها خطوات على مهل تسير فيها الفتاة وهي لا تدري حتى تستيقض على فاجعة أو طامة أو فضيحة لم تكن تدور بحسبانها ، و لم تخطر ببالها .
قد تعانين من أسباب تقود إلى بحث عن بدائل ، و إني أرى أن أخطر الأسباب التي تقود الفتيات إلى مزالق و مفاسد ، هي معاناتها من الحرمان العاطفي ، و العنف في التعامل مع أقرب الناس لها ، لكن هذا و إن كان سببا قوياً فإنه لا يبرر لها بحال من الأحوال أن تعالج الخطأ بالخطأ ، لأنها إن أسلمت عاطفتها إلى غريب خدعها بحلو الكلام فإنها تكون كالمستجير من الرمضاء بالنار .
يحدثني أحدهم - ممن يعيش لحظات الندم و مراجعة النفس - : أنه إذا أخبر إحداهن أنه يريد الرحيل عن هذا العالم و ترك الاتصال بالفتيات ، و أنه يريد الإقبال على ربه و السلوة و الأنس به ، أخذت الفتاة تبكي عليه و تنوح و تلح في طلب البقاء لها من أجلها و كأنها أسلمت عقلها و حسها و قلبها له ، في استسلام عاطفي يحمل صورة مؤلمة للواقع الذي يعيشه عدد من الفتيات .!
أيتها الفتاة أفيقي من هذه العفلة ، و انزعي عنك استحكام العاطفة ، هذه العاطفة التي تميز أنوثتك ، أمزجيها بشيء من العقل الذي يحجبكِ مما يؤذيك ، كوني عاقلة صالحة مصلحة ، و إن عانيتي من مرارة الحرمان ، أو مشاكل أخرى ، فكلها أهون من الابتذال و الانكسار للغير مع المذلة .
كوني أنتي البناءة الفاعلة المتفاعلة ، كوني أنتي المشرقة المنتجة ، كوني عضواً صالحا شامخاً راسخاً ، و لكِ في ذلك سلف ، اجعلي الأمل كبيرٌ بالله وحده ، و الرجاء منه وحده ، و الأنس منه و به وحده ، هم يقولون بأنكِ نصف المجتمع ، و أنا أقول بأنك أم المجتمع .
احترسي و انتبهي ، فأنت أعظم و سائل البناء ، و البعض يريد أن تكوني أعظم و سائل الهدم و البوابة الأولى للهدم و الدمار و التفكك ..
دمتم في حفظ من الله و رعاية ... و الله خيرٌ حافظاً ..
أخوكم / عبدالله .