يا أهل العلم ويا أهل الدين
يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين:
أن تعييرك لأخيك بذنبه أعظم إثمًا من ذنبه وأشد من معصيته؛ لما فيه من صولة الطاعة، وتزكية النفس، وشكرها، والمناداة عليها بالبراءة من الذنب، وأن أخاك باء به، ولعلَّ كَسْرَتَه بذنبه، وما أحدث له من الذلة والخضوع والإزراء على نفسه، والتخلص من مرض الدعوى والكبر والعجب ووقوفه بين يدي الله ناكس الرأس، خاشع الطرف، منكسر القلب، أنفع له وخير من صولة طاعتك، وتَكَثُّرك بها، والاعتداد بها، والمنة على الله وخلقه بها، فما أقرب هذا العاصي من رحمة الله، وما أقرب هذا المُدِل من مقت الله،
فذنب تذلُّ به لديه أحب إليه من طاعة تُدْل بها عليه، وإنك أن تبيت نائمًا وتصبح نادمًا خير من أن تبيت قائمًا وتصبح معجبا، فإن المعجب لا يصعد له عمل، وإنك أن تضحك وأنت معترف خير من أن تبكي وأنت مُدْلٍ، وأنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين المُدْلِين، ولعل الله أسقاه بهذا الذنب دواء استخرج به داء قاتلًا هو فيك ولا تشعر.
وانتبهوا بارك الله فيكم "وكل معصية عيَّرت بها أخاك فهي إليك".
(وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً)
وكانت عامة يمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا وَمُقَلِّبِ القُلُوب)، وقال: (ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن -عز وجل-، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه)، ثم قال: (اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم مصرف القلوب صرِّف قلبي على طاعتك).
|