أختي زمردة , لعلك تقصدين قبل الهجرة , وليس قبل البعثة .
ولدي جواب من تلقاء نفسي لعله أن يكون صوابا , فأقول والله أعلم :
أولاً : توقيت موت أبي طالب قدَرٌ من عند الله تعالى وهو تصديق قوله تعالى : { فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (61) سورة النحل .
ثانياً : الرسول صلى الله عليه وسلم مكث في مكة - بعد البعثة - ثلاث عشرة سنة , عشر سنوات منها كان ينصره عمه أبو طالب ( وهو سيد قريش آنذاك ) , وتنصره زوجه خديجة رضي الله عنها , فماتا في عام واحد ( 10 من البعثة ) وسمي عام الحزن , ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ثلاث سنين في مكة يدعو .
والحكمة والله أعلم أن الله تعالى أراد أن يبين لنبيه وللناس كافة أنه ناصر نبيه وعاصِمه من الناس , حتى ولو مكث وحيدا في مكة دون نصير من سيد قريش , بل النصير من البشر قد مات فلم يبق إلا نصرة الحق تبارك وتعالى وهي النصرة الحقيقية .
ثالثاً : السبب في موت أبي طالب قبل الهجرة بشكل عام - والله أعلم - أن الله تعالى قد سبق في علمه أن أبا طالب لن يُسلم , ولو بقي حيا حتى يأتي زمن الهجرة لكان في ذلك حرج للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ إذ كيف يهاجر ويترك عمه الذي رباه منذ صغره , ونصره في الدعوة .
وفيه رحمة بأبي طالب لئلا ينزل عليه العذاب الذي نزل على قريش , فإنه ما من نبي هاجر من قومه إلا استحقوا العذاب , وهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة مؤذنة بوقوع العذاب على قريش , وهو ما حصل في بدر , ولو كان أبو طالب حياً لكان منهم , وهو ليس مثلهم , بل هو مناصر للدعوة ولو لم يؤمن بها .
هذا ما لدي وأرجو أن يكون التعليل مناسباً , والله تعالى أعلم .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ
[ محمود سامي البارودي ]
|