بسم الله الرحمن الرحيم
يتفق العقلاء و العلماء و الجهلاء بأن العلم شرف في الدنيا ، و أنه نعم الصاحب للمرء في حياته ، و لهذا لو ناديت الجاهل بصفة الجهل لاشتاط غضبا و حنقاً ، حتى مع علمه بأنه متصف بهذه الصفة . و لما نتأمل في واقعنا و حالنا مع هذا الشرف الذي نسعى حثيثين لنيله و طلبه نجد أننا أحيانا نأتي إليه من غير نطرقه ، و نطلبه في غير موارده ، أو نجفو معه أو نجعل مفهوم التعلم عندنا مفهوماً ضيقاً ، ليس من خلال تنظيرنا ، و لكن من خلال صنائعنا و معاملتنا لمصادر هذا العلم .
كلنا يجب أن يعي هذا الكلام فالعلم شريف له كرامته و مكانته ، و لما كان هذا قدره كان لزاماً علينا أن نعتني بما حوى هذا العلم الذي أفنيت فيه الأوقات ، و اجتهد فيه المفكرون و العلماء لتدوينه و تقديمه إلينا ، أقول هذا و أنا أرى أننا كثيراً ما نهين العلم حينما نهرع إلى كتبنا الدراسية ، و مذاكراتنا التي تحوي علوماً تأسيسية تفيدنا في حاضرنا و مستقبلنا ، فلما ننهل منها و نسطر ما حوته على أوراق الامتحانات ، نسارع بعد هذا بدقائق بامتهان هذه الكتب و هذه المذكرات التي لا يمكن الغنى عنها لا سيما إذا كانت في تخصص شرعي أو لغوي أو حتى طبيعي تكثر الحاجة إليه .
هذه الكتب و المذكرات تلم شتات الذهن الذي يطرأ عادةً بعد تقادم العهد و تقدّم السنين ، مما يؤدي إلى الشعور بخيبة الأمل مما سبقت دراسته بعد محاولات عصف الذهن لتذكر أبجديات تمت دراستها في السنوات الأولى من الدراسة في التعليم العام أو حتى في التعليم الجامعي . فهذه الكتب و المذكرات بمثابة الإرشيف الخارجي الذي يرتبط ارتباطاً و ثيقاً بالإرشيف الداخلي المستقر في الذهن .
من المؤسف أن تظهر تلال من الأوراق و الكتب بجانب قاعات الامتحانات في مدارسنا و جامعاتنا و مؤسساتنا التعليمية ، و هذا ما يجعلنا نؤكد بأن كثير من خريجي مؤسساتنا التعليمية ليسوا سوى حاملي شهادات لا حاملي علم ، و تظهر نكباتهم إذا ما انخرطوا في ميادين العمل و العطاء .
شكراً لكم .
أخوكم / عبدالله .