نَبْعٌ من الإِعجاز
شَجَرُ البيانِ بَدَا أمامَك أخضرا ****شجرٌ سقَتْه المكرُماتُ فأَثْمرا
أغصانُه ابتهجَتْ تَمُدُّ ظِلالَها ****موصولةً بالبيتِ في أُمِّ القُرَى
في تُرْبَةِ البَلَدِ الحرامِ عروقُها ****تُسْقَى بزَمْزَمَ فيهِ ضاحكةَ الثَّرَى
شَجَرٌ سقاه الوحيُ غَيْثَ بلاغةٍ ****صارتْ به الصحراءُ روضاً مُزْهِرَا
لمَّا جَرَى نَهْرُ البيانِ، تبرَّجَتْ ****أغصانُه فَرَحاً به، لمَّا جَرَى
واستبشر الكون الفسيح بخصبِه *****فأضاءت الآفاقُ لمَّا استبشرا
شَجَرٌ تحاماه الذُّبولُ فلم يَزَلْ *****َنْدَى على مَرِّ الزَّمانِ وأَنْضَرا
يتناثر الإعجازُ من أطرافه ****طَلاًّ بأشذاءِ البيانِ مُعَطَّرا
وإليه ترنو عينُ كلِّ خميلةٍ *****تتغيَّث الحُلُمَ الجميلَ الأكبرا
للهِ دَرُّك أيُّها الفجر الذي *****طَرَدَ الدُّجَى لمَّا أَطَلَّ وأَسْفَرا
في نوركَ الفيَّاضِ آياتٌ، إذا ****تُلِيَتْ على الجبلِ الأَصَمِّ تأثَّرا
فيها من الإعجاز ما لا ينتهي ****عَيْنٌ ترى صُوَراً، وعينٌ لا تَرَى
نَبْعٌ من الإعجاز في قرآننا ****يجري على أرضِ التدبُّرِ أَنْهُرَا
من أين أبدأ قصَّةَ الإعجاز في ****آياتِه؟ ذِهْنُ الخيال تحيَّرا
أَمِنَ الفضاءِ الرَّحْبِ ضاقَ بما حوى ****وبما استكَنَّ من النُّجوم وما سَرَى؟
ومنَ الكواكبِ، كوكبٌ متألِّقٌ ****منها، وآخرُ في الفضاءِ تفجَّرا؟
أم مِنْ شَماريخ الجبالِ تمكَّنَتْ ****في الأرضِ، مُطْلِقَةً إلى الأُفْق الذُّرَى؟
أم من رمال البيدِ أَنْعَشَها الحَيَا ***فاهتزَّ خِصْباً جَدْبُهنَّ وأَزْهَرا؟
أم من جَفافِ الرَّوْضِ مُنْذُ تخلَّفَتْ ****عنه الغيومُ وأَخْلَفَتْه تصحّرا؟
صورٌ من الإعجاز في قرآننا ****ما شكَّ فيها ذو اليقين ولا اَمْتَرى
صورٌ تحيَّرتِ القصيدةُ عندها ****عن أيِّها تروي الحديث الأَشْهرا
عن ذَرَّةٍ فيها من الأسرارِ ما ****جعل الكبيرَ من العقولِ الأَصْغرا؟!
عن حَبَّةٍ بُذِرَتْ، فَسَبْعُ سنابلٍ ****ظهرتْ، وعِرْقٌ في التُّراب تجذَّرا؟
عن سرِّ بيتِ العنكبوت وقد غَدا ****مَثَلاً لأَوْهنِ منزلٍ عَرَفَ الوَرَى؟
عن سرِّ ما في البحرِ من ظلماتهِ ****حتى تكادَ العينُ ألاَّ تُبصرا؟
عن عُمْقِ أعماقِ البحار وما حَوَتْ ****عن كلِّ ما عَبَر المُحيطَ وأَبْحرا؟
وعن الغيوم السابحاتِ، فبارقٌ ****متَلأْلئٌ فيها، ورَعْدٌ زَمْجرا؟
عن شمسنا بشروقها وغروبها ****عمَّا تقدَّم دونها وتأخَّرا؟
وعن الهلالِ إذا أهلَّ مُقَوَّساً ***وإذا استدار على الكمالِ ونوَّرا؟
عن سرِّ خَلْقِ الناسِ في الرَّحِم الذي ****ما زال يَبْهَرُ كلَّ عقلٍ فكَّرا؟
صورٌ من الإعجاز في قرآننا ****كانت وظلَّتْ للعجائب مَصْدَرا
صورٌ تُوَجِّهُ مَوْجَ أسئلةٍ إلى ****غافٍ ولاَهٍ في الحياةِ تعثَّرا
هَلاَّ سألتَ الكونَ عن أسرارِه ****من قبل أنْ تلهو وأنْ تتكبَّرا؟
هلاَّ سألتَ كتابَ ربِّك، إنَّه ****سيظَلُّ في كَشْفِ الحقائقِ أَظْهَرا؟
مَنْ عَلَّم النَّحْلَ النِّظام فلم يَزَلْ ****أقوى على حِفْظِ النِّظام وأَقْدرَا؟!
مَنْ أرشدَ النَّمْلَ الدَّؤُوبَ لسعيه
فغدا على حمل المتاعب أَصْبرَا؟!
مَنْ أَوْدَع الإنسانَ مِنْ أسراره ****ما لا تُحيط به العقولُ، وصَوَّرا؟!
روحاً وقلباً نابضاً وبصيرةً ****تسمو بفطرته وعقلاً نَيِّرا؟
من علَّم الإِنسانَ علماً نافعاً ****وحَبَاه أسرارَ الحياةِ وسخَّرا؟!
مَنْ قرَّبَ الأَبعادَ منه تَفَضُّلاً ****حتى تمكَّنَ في العلومِ وطوَّرا؟!
أَوليسَ مَنْ خَلَق الوجودَ وصانَه ****وبنى موازينَ الحياةِ وقدَّرا؟!
هذا هو القرآنُ، هذا نُورُه ****فينا، وهذي المعجزاتُ كا نَرَى
أَوَبَعْدَ هذا يستبيح مكابرٌ ****كِبْراً، ويرضى كافرٌ أنْ يَكْفُرا؟!
أَوَبَعْدَ هذا يستباح دمٌ على ****أرضٍ، ويرضى ظالمٌ أنْ يُهْدَرَا؟
أيليقُ بالإنسان أنْ يبقى على ****بابِ الهوى مُتَذَبْذِباً مُتحيِّرا؟!
أيليق بالإنسان أنْ يقسو على ****من جاء بالوحي المبين وبشَّرا
أيليق بالإنسان أنْ يَعْصي الذي ****فتح الوجود له، وألاَّ يَشْكُرَا؟!
هذا هو القرآنُ مائدةُ الهُدَى ****في أَرْضنا، نِعْمَ الضِّيافةُ والقرى
القصيده للعشماوي عن الإعجاز في القرآن لتمنى هذي بعض من طلبك
__________________
تعلمت انه في المدرسة او الجامعة نتعلم الدروس ثم نواجه الإمتحانات
[GLINT]لكن علمتني الحياة [/GLINT]
أن اواجه الإمتحانات ثم اتعلم الدروس
|