[COLOR=red]في الثانوية ..[/COLOR]
المرحلة الثانويه :
* في سبتمبر من عام 1929 التحق بالمدرسة السعيدية الثانوية في الجيزة على الشاطيء الايسر من النيل أمام القاهرة والتحق بالنظام الداخلي ( أي انه يسكن في داخل المدرسه ) و تخرج منها عام 1934 – وهو العام الذي نشبت فيه حرب بين السعودية واليمن التي انتهت بمعاهدة الطائف وتولي حبيب باشا السعد رئلسة لبنان ووقعت فيه المعاهدة التركية الايرانية ومعاهدة تركيا مع البلقان – وكان ترتيبه الثاني على جميع طلاب القسم الأدبي في القطر المصري .
* انشأ مدرس عندهم اسمه ( حسن جوهر ) مكتبة صغيره كانت مليئة بامهات كتب الادب العربي فأقبل عليها عبد الرحمن رغم صعوبتها عليه وهو ابن الثالثة عشر بحماسة شديدة فحفظ الكثير من القصائد وحاول ان ينظم القصائد يقول بدوي : ( وليس من شك عندي ان لههذه المكتبة الصغيره تأثير عميق في تكويني الادبي . وبفضلها تدفق العزف الشعري عندي في نهاية سن الثالثة عشرة . فرحت اختشب الشعر مستعينا بكتاب صغير في العروض والقوافي يدعى (( ميزان الذهب في وزن أشعار العرب )) للهاشمي وابتداء من سن الرابعه عشرة خصوصا وبعد ان استظهرت الكثير من القصائد الجاهليه والامويه والعباسيه والحديثه صرت انظم قصائد طويله في موضوعات شتى : منها السياسيه والوجدانيه وفي وصف الطبيعه ) كما انه قرا كتب لجبران خليل جبران وهي ( الاجنحة المتكسرة ) و ( رمل وزبد ) و ( المواكب ) .
* اما بالنسبة للغة الانجليزية فقد بدأ بقراءة الشعر الانجليزي وهو في سن الرابعة عشر بنصه الانجليزي واشترى ثلاثة كتب احدها ف يتراجم الشعراء الانجليز مطعم بالصور والاخر ديوان للشاعر ( ملتون ) والاخير للهندي ( خدابخش ) ... يقول بدوي : (( واهتممت بديوان ملتون خاصة ، استظهرت منه قصيدتين هما قصيدة في يوم عيد ميلاد المسيح ، ورثاء لوسيداس ، كما اخذت في حفظ النشيد الاول من ( الفردوس المفقود ) وصرت منذ ذلك التاريخ حتى اليوم أعود لقراءة القصيدة الأولى عدة مرات في يوم ( الكرسمس ) – عيد الميلاد – في كل عام !! )) ... ومن ملتون الى الرومنتيك الانجليزي فقرا لـ ( شلي ) وحفظ قصيدة ( الريح الغربيه ) واقتنى مجموعة مؤلفاته ، وقرأ لـ ( كيتس ) واخيرا لـ ( بايرن ) الذي يقول عنه بدوي : (( استولى على كل نفسي خصوصا لنزعته الثوريه ولتمرده على كل المعتقدات ولولوعه بالرحلات )) ... وكان نتيجة هذا الولوع ان ترجم كتابه ( أسفار اناشيد هارولد ) .
* أما بالنسبة للغة الفرنسيه فيقول بدوي : ( أما الرومتنيك الفرنسيون فإني لم أتمكن من قراءتهم ان ذاك ، أي وأنا في سن الرابعة عشرة ، لأن معرفتي باللغة الفرنسيه كانت قليلة جدا لان تدريسها يبدأ بالمدرسة الثانوية ) ولكنه كان يقرأ بعض الترجمات لقصائد فرنسيه واول ترجمة عربيه لشعر فرنسي قراه كانت ترجمة طه حسين لـ ( بولدير ) ومطلعها : ( كن عاقلا أيها الألم .... ) وقصيدة اخرى اسمها ( النافوره ) وقصائد اخرى لـ ( سولي برودوم ) منها قصيدة يذكر بدوي مطلها قائلا : ( زرق أو سود كلهن محبوبات وكلهن جميلات ، عيون لا تحصى رأين الفجر ) وكانت غاية طه حسين من ترجمة هذه القصيده مقارنة جمال الشعر الفرنسي بـ ( ردائة ) شعر شوقي في قصيدته التي مطلعها :
الله أكبر ! كم في الفتح من عجب يا خالد الترك جدد خالد العرب
يعلق بدوي قائلا ( وكان طه حسين شديد الوطأه انذاك على شوقي ) ...كما انه لم يكتف بذلك ولكنه قرا كتاب محمد حسين هيكل ( جان جاك روسو : حياته من كتبه ) كما قرأ ما ترجمه حافظ ابراهيم من قصة ( البؤساء ) لفكتور هوجو يعلق بدوي قائلا : ( وهو لم يترجم منها الا خمسها تقريبا ولا أدري لماذا لم يتمها ؟ . وكانت ترجمته هي نفسها قطعة من النثر العربي الرائع الأسلوب )
أما لماذا لم يقرأ إلا هذا القدر من الأدب الفرنسي ... فيشرح السبب الذي نعاني منه إلى الان قائلا : ( لسبب بسيط واضح هو أنه لم يكن ثم ترجمات لأمهات الأدب الفرنسي ، ولا أي أدب كان )
أما سبب عدم وجود هذه التراجم .. فيلخص البدوي ذلك في سببين قائلا : ( الأول أنهم كانوا يظنون ان قدر المترجم أقل كثيرا من قدر الكاتب المنشيء فربأوا بأنفسهم عن ان يترجموا . وهذا خطأ فاحش فكم من مترجمين كانوا أعظم قدرا وأخطر أثرا وأعم فضلا من ( مؤلفين ) لا حظ لهم من ( التأليف ) إلا التبسيط والجمع والإقتطاف من هنا وهناك ...
والسبب الثاني – وهو الصحيح في نظري – ان الترجمه الدقيقه أصعب من ذلك ( التأليف ) بكثير وأشد كشفا للغلط والجهل لأن المترجم مرغم على فهم معنى ما يترجمه ويحتاج الى اتقان تام للغة التي يترجم عنها وتلك التي ينقل اليها ...)
ثم يستدرك متألما قائلا .. (( وإنه لوضع مؤلم مأساوي حقا أن يجد القاريء الفرنسي او الانجليزي او الالماني او الايطالي او الاسباني امهات اداب اللغات الاخرى مترجمة الى لغة ميسرة للاطلاع عليها بهذه اللغه بينما لا يجد القاريء العربي الا النادر جدا من هذه الامهات مترجمة الى لغته العربيه وان كانت هذه هي حالة الادب فما بالك بسائر فروع العلم والمعرفه ))
وبعد استعراض المشكلة يأتي بالحل القاسي قائلا : ( ولا علاج لهذه الحال الا بضرورة اتقان لبعض اللغات الاجنبيه ذات الانتاج الرفيع فهذا امر لا مفر منه لكل عربي يريد ان يكون ذا شأن في هذا العالم )) ....
يتبع ،،،
__________________
ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا **** تجاهلت حتى ظن أني جاهل ...
أبو العلاء ..
|