( إبـكــوا مـعـي ) قـصة حصلت معـي .
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت في رحلة مع المركز الصيفي هذا العام .
وكنا خارجين في أحد الاستراحات القريبة .
و بينما كنت أتجول بين الطلاب ولا أسمع إلا ضحكاً و تعليقاً و مزحاً فيما بينهم .
إلا أنه لفت إنتباهي ذلك الشخص الذي جالس لوحده ليس معه أحد من أصدقائه فأحسست أن في الأمر شيء .
فذهبت إليه و سلمت عليه .
و قلت له ما بك يا أخي؟.
قال: ليس فيّ شيء .
قلت له : ما اسمك ؟
قال : زياد عبد الحميد .
كان صوته ضعيفاً .
قلت : المحيميد .
قال : بل زياد عبدالحميد .
قلت : و النعم فيك يا أخي .
أحس زياد أنني صادق معه ففتح لي قلبه .
و قال : لم أعرفك .
قلت : أبا عبد الله .
قال : يا أبا عبد الله ، لم الناس والشباب خاصة هكذا ؟
قلت : من أي شي يا زياد .
قال : مجرد ما يعرفون أن إسمي ينتهي بـ عبد الحميد يذهبون و يتركونني .
كان يقولها بحرارة و بحزن شديد حتى كادت الدمعه تسقط من خده الكريم .
ثم قال : مجرد ما اقول لهم أن إسمي زياد عبدالحميد يقولون لي : ما إسم عائلتك ، ثم إذا عرفوا أن ليس لي عائلة تركوني و كأنني فاعل جريمة و صرت منبوذاً بين الناس .
وأول سؤالهم ما أصلك ؟
أنا لا أكذب .
هل تريدني أن أكذب يا أبا عبد الله و أقول من العائلة الفلانية حتى يكلمونني و أدخل في حياتهم .
أنا عندي ثقافة و عندي طموح كبيرولكن الناس و هذا المجتمع لا يراني لأنني لست من عائلة.
أنا لا أتكلم إلا مع الأجانب لأنهم يفهمونني أكثر .
أنا رجل اجتماعي لكن الناس لا يرحمون .
ما ذنبي أنا ؟ هل أنا الذي خلقت نفسي ؟ و هل أنا الذي أريد هذا الشيء ؟
كانت كلماته لها وقعها كالسهم في قلبي .
لم يعطني فرصة بأن أتكلم . و بأن أرفع من معنوياته على أقل تقدير .
كان مشحوناً جدا و أطلقها لي كالقنبلة .
ثم قال : كيف تريدني أن أعيش ؟
ما ذنبي و ما ذا تريدني أن أفعل ؟
حقيقة لم أتوقع ما كان يقوله و بصراحته هذه المتناهية كان مرتاحاً لي وأعطاني كل ما يحمله من هموم وكان الحزن والأسى واضحاً على و جهه .
فتركته حتى انتهى لأنني أريد أن يُخرِج كل ما في قلبه و لما انتهى و كان الموقف رهيب جداً .
قلت له ما اسم ولدك ؟
قال : حسان .
قلت : يا أبا حسان والله ثم والله أن معزتك في قلبي لا تفرق مع أي شخص آخر في المركز .
و قلت له : بالعكس يا أخي الذين أمثالك ليس عيبا أن لا يكون لديه أب ولا أم ولا حتى أصل فأنت ليس لك ذنب في هذا .
فأخلاقك هي التي تثبت شخصيتك و أنت نعم الأخلاق .
و بدأت أكلمه من هذا الكلام الذي يرفع من معنوياته و يشحذ به همته .
فكأنه إرتاح من كلامي .
وقال : أنا أعلم أن هناك شباباً ونعم الشباب هم يعاملوننا كإخوانهم وأهليهم و لكن الغالب لا يرانا شيئاً وللأسف .
فرأيت أنه يحب الثقافة و يميل إليها فضميته إلى الإشراف الثقافي .. ففرح بذلك .
و قال : سوف ترى الإبداعات يا أبا عبد الله .
ثم قال: أرجوك أن تزورنا في دار التربية فهناك طاقات و إبداعات أفضل من المراكز الصيفية . أرجووووووووووووووك لا تنسانا أرجوووووووووووووووووك .
هذه قصة واحدة التي حصلت معي و غيرها الكثير من القصص التي لا نعرفها
ويشيب منها الطفل .
نعم يا إخواني ، تخيل أنك في موقفه ؟! .
ولدت من غير أب و لا أم و لا إخوان ولا أعمام و لا أخوال و لا من عائلة و ليس لك أصل البتة .
كيف سيكون شعورك ؟!
و كيف تكون نفسيتك ؟!
و الله ثم و الله أننا مقصرون مع إخواننا الأيتام و إخواننا الذين في دور التربية .
هل منا أحد ذهب إليهم و زارهم فوالله أنهم يفرحون أشد الفرح لمجيئنا .
لماذا نحن قساة لهذا الحد .
الناس لا يرحمون .
هل من واحد منا يرأف بهم و يذهب إليهم .
ما ذنبهم إذا كانوا ليسوا من عائلة و ليسوا معروفين .
ما أقسانا .. ما أقسانا ..
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ا ل ش ا م خ
__________________
إهداء من الأخ الغالي والعزيز : عاشق بريدة
|