الموضوع: هل من مرحب
مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 07-05-2009, 10:11 AM   #6
هشام الشويكي
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 24
أحداث (654 هـ) من كتاب (عقد الجمان )
ومنها: أنه كان ظهور النار من أرض الحجاز التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى، كما نطق بذلك الحديث المتفق عليه، وقد بسط القول فيه أبو شامة في كتاب الذيل وملخصه أنه قال: جاءَ إلى دمشق كتب من المدينة النبويَّة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، بخروج نار عندهم في خامس جمادى الآخرة من هذه السَّنة، وكتبت الكتب في خامس رجب والنار بحالها.
قال: ووصلت الكتب الينا في عاشر شعبان وفيه تصديق لما فى الصحيحين من حيدث أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضىء أعناق الإبل ببصرى(.
قال: فأخبرنى بعضُ من أثق به ممن شاهدها بالمدينة أنه بلغه أنه كُتب بتيماء على ضوئها الكتب.
قال: وكنا في بيوتنا تلك الليالى وكأَنَّ في دار كل رجل سراجاً، ولم يكن لها حرٌّ ولفح على عظمها، إنما كانت آية من آيات الله عز وجل.
قال أبو شامة: هذه صورة ما وقفت عليه من الكتب الواردة منها: لما كانت ليلةالأربعاء ثالث جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة ظهر بالمدينة النبوية دوىٌّ عظيم، ثم زلزلة عظيمة رجفت منها الأرض والحيطان والسُقُف والأخشاب والأبواب ساعةً بعد ساعةٍ إلى يوم الجمعة الخامس من الشهر المذكور، ثم ظهرت نار عظيمة في الحرة قريبة من قريظة، نبصرها من دورنا من داخل المدينة كأنها عندنا، وهى نار عظيمة، إشعالها أكبر من ثلاث منائر، وقد سالت أودية منها بالنار إلى وادى شظا مسيل الماه، وقد سدَّت مسيل شظا وما عاد يسيل، والله لقد طلعنا ونحن جماعة نبصرُها، فإذا الجبال تسيل نيرانا، وقد سدَّت الحرَّة طريق الحاج العراقى، فسارت إلى أن وصلت إلى الحرَّة، فوقفت بعد أن أشفقنا أن تجىء الينا، ورجعت تسير في الشرق، تخرج من وسطها مهود وجبال نيران تأكل الحجارة، فيها أنموذج عما أخبر الله تعالى في كتابه العزيز فقال عز من قائل: )إنها ترمى بشرر كالقصر، كأنه جمالات صفر(. وقد أكلت الأرض.
وقد كتب هذا الكتاب يوم خامس رجب سنة أربع وخمسين وستمائة،والنار في زيادة ما تغيرت، وقد عادت إلى الحرار في قريظة طريق عير الحاج العراقى إلى الحيرة، كلها نيران تشعل، نبصرها في الليل من المدينة كأنها مشاعل الحاج، وأما أم النار الكبيرة فهى جبالُ نيران حمر، والأمُّ الصغيرة النارالتى سألت النيران منها من عند قريظة وقدزادت، وما عاد الناس يدرون أى شيءٍ يتم بعد ذلك، والله يجعل العاقبة إلى خير وما أقدر أن أصف هذه النار.
وقال أبو شامة: في كتاب آخر ظهر في أول جمعة من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة: وقع بالمدينة في شرقيها نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم، انفجرت من الأرض، وسال منها واد من نار حتى حاذى جبل أحد، ثم وقف وعادت إلى الساعة، ولا ندرى ماذا نفعل، ووقت ما ظهرت دخل أهل المدينة إلى نبيهم صلى الله عليه وسلم مستغفرين تائبين إلى ربهم تعالى، وهذه دلائل القيامة.
قال: وظهر كتاب آخر: لما كان يوم الإثنين مستهل جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة، وقع بالمدينة صوت تشبه صوت الرعد البعيدة تارة وتارة، أقام على هذه الحالة يومين، فلما كان ليلة الأربعاء ثالث الشهر المذكور تعقب الصوت الذى كنا نسمعه زلازل، فتقيم على هذه الحالة ثلاثة أيام، يقع في اليوم والليلة أربع عشرة زلزلة، فلما كان في يوم الجمعة خامس الشهر المذكور انجبست الأرض من الحرَّة بنار عظيمة، تكون قدرها مثل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهى برأى العين من المدينة، نشاهدها وهي ترمى بشرر كالقصر، كما قال الله عز وجل، وهى بموضع يقال له أجلين، وقد سال من هذه النار واد يكون مقداره أربعة فراسخ وعرضه أربعة أميال وعمقه قامة ونصف، وهى تجرى على وجه الأرض، وتخرج منها أمهاد وجبال صغار، وتسير على وجه الأرض وهو صخرٌ يذوب حتى يبقى مثل الآنك، فإذا جمد صار أسوداً، وقبل الجمود لونه أحمر، وقد حصل بطريق هذه النار إقلاع عن المعاصى والتقرب إلى الله تعالى بالطاعات، وخرج أمير المدينة عن مظالم كثيرة إلى أهلها.
قال أبو شامة: ومن كتاب شمس الدين بن سنان بن عبد الوهاب بن نميلة الحسنين قاضى المدينة إلى بعض أصحابه: لما كان ليلة الربعاء ثالث شهر جمادى الآخرة حدث بالمدينة في الثلث الأخير من الليل زلزلة عظيمة أشفقنا منها، وباتت باقى تلك الليلة تُزلزل كل يوم وليلةٍ قدر عشر نوبات، والله لقد زلزلت مرةً ونحن حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب لها المنبر إلى أن سمعنا منه صوتاً للحديد الذى فيه، واضطربت قناديل الحرم الشريف النبوى ودامت الزلزلة إلى يوم الجمعة صحىً، ولها دوِىَّ مثل دوى الرعد القاصف، ثم بين فيه صفة النار، ثم قال: وكتب الكتاب يوم خامس رجب وهى على حالها، والناس منها خائفون،و الشمس والقمر يوم يطلعان ما يطلعان إلا كاسفين، فنسأل الله العافية.
قال أبو شامة: وبان عندنا بدمشق أثر الكسوف من ضعف نورها على الحيطان، وكنا حيارى من ذلك إش هو إلى أن جاءنا هذا الخبر عن هذه النار.
قال: وجاء كتاب من بعض بنى القاشانى بالمدينة يقول فيه: وصل إلينا في جمادى الآخرى نجابة من العراق وأخبروا عن بغداد أنه أصابها غرقٌ عظيم حتى دخل الماءُ من أسوار بغداد إلى البلد، وغرق كثير من البلد، ودخل الماء دار الخليفة وسط البلد، وانهدمت دار الوزير وثلاثمائة وثمانون داراً، )وانهدم مخزن الخليفة(، وهلك من خزانة السلاح شيءٌ كثير، بل تلف كله، وأشرف الناسً على الهلاك، وعادت السفن تدخل إلى أوسط البلد وتخترق أزقة بغداد، ثم ذكر فيه حكاية النار.
وقال ابن كثير رحمه الله: الحديث الوارد في هذه النار مخرّج في الصحيحين من طريق الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضىءُ أعناق الإبل ببُصرى(. وهذا لفظ البخارى، وقد وقع هذا في هذه السنة، أعنى سنة أربع وخمسين وستمائة كما ذكرنا.
وقد أخبرنى قاضى القضاة صدر الدين على بن أبي القاسم التميمى الحنفى الحاكم بدمشق في بعض الأيام في المذاكرة وجرى ذكر هذا الحديث وما كان من أمر هذه النار في هذه السنة: فقال: سمعت رجلاً من الأعراب يخبر والدى ببُصرى في تلك الليالى أنهم رأوا أعناق الإبل في ضوءِ هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز.
وقال ابن كثير: وكان مولده في سنة ثنتين وأربعين وستمائة، وكان والده مدرساً للحنفية ببصرى، وكذلك كان جدُّه، وهو أيضاً قد درَّس بها، ثم انتقل إلى دمشق فدرس بالصادرية وبالمقدمية، ثم ولى قضاء القضاة الحنفية، وكان مشكور السيرة في الأحكام، وقد كان عمره حين وقع هذه النار بالحجاز ثنتى عشرة سنة، ومثله ممن يضبط ما سمع من الخبر أن الأعرابى أخبر والده في تلك الليالي.
وقال أبو شامة: وفي ليلة الجمعة مستهل شهر رمضان من هذه السنة احترق مسجد النبى عليه الصلاة والسلام، وابتداء حريقه من زاويته الغربية من الشمال، وكان دخل أحد القومة إلى خزانة ثم، ومعه نار فعلقت في آلاتٍ ثمَّ، واتصلت بالسقف سرعةً، ثم دبت في السقوف آخذةً قبلةً، فاعجزت الناس عن قطعُها، فما كان إلا ساعة حتى احترقت سقوف المسجد أجمع، ووقعت بعض أساطينه وذات رصاصها، وكل ذلك قبل أن ينام الناس، واحترق سقف الحجرة النبوية على ساكنها السلام، ووقع ماوقع منه في الحجرة وبقى على حاله لما شرع في عمارة سقفه وسقف المسجد، وكان ذاك ليلة الجمعة وأصبح الناس فعزلوا موضعاً للصلاة.
وَعُدّ ماوقع من تلك النار الخارجة وحريق المسجد من جملة الآيات، وكأنها كانت منذرة عما يعقبها في السنة الآتية من الكائنات على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ونظم بعضهم في هذه النار وغرق بغداد بيتين، قال:
سبحان من أصبحت مشيئته ... جاريةً في الورى بمقدار
أغرق بغداد بالمياه كما ... أحرق أرض الحجازِ بالنار
قال أبو شامة: كان ينبغي أن ينبه على أن الأمرين في سنة واحدة، وإلا فالإغراق والإحراق يقعان كثيراً، فالصواب أن يقال:
في سنة أغرق العراق وقد ... أحرق أرض الحجاز بالنار
وقال:
بعد ستّ من المئين وخمسين ... لدى أربع جرى في العام
نار أرض الحجاز مع حرق ... المسجد مع غريق دار السلام
ثم أخذ التتار بغداد في ... أول عام من بعد ذاك بعام
لم يفن أهلها وللكفر أعوانعليهم يا ضيعة الإسلام
وانقضت دولة الخلافة منها ... صار مستعصم بغير اعتصام
وفيها(.
وفيها: حج بالناس ).(.
ذكر من توفى فيها من الأعيان
الشيخ الفقيه أبو محمد عبد الوهاب بن على بن عبد الوهاب بن مناس الطرابلسى المالكى.
وكان قد ولى القضاء بطرابلس المغرب والمهدية، ثم استوطن الإسكندرية. وكان شيخاً صالحاَ. توفى في هذه السنة.
الشيخ عماد الدين عبد الله بن النحاس الزاهد الورع.
خدم الملوك ووزر بالعجم، وانقطع في آخر عمره بجبل قاسيون، وأقام ثلاثين سنةً مشغولاً بالله، ويقضى حوائج الناس بنفسه وماله. توفى في هذه السنة، ودفن بقاسيون بدمشق.
..................................................
هشام الشويكي غير متصل   الرد باقتباس