بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
أما بعد
(لغة أفعل و لا تفعل)
...هذه اللغة هي عند أهل العربية لغة الأمر ، و عند الشارع الحكيم رب العالمين تسمى بلغة التشريع أو الأحكام التلكليفية للمرء ، وعند الأبوين حال تعاملهما مع الابن تسمى بلغة الطاعة وعدمها ، و هذه اللغة هي المستخدمة من السيد للعبد (و لا يوجد عبد اليوم) ، و هذه اللغة هي لغة الدول العظمى مع دول العالم الإسلامي و العربي و لا حول ولا قوة إلا بالله ، و هذه اللغة هي لغة القائد الفذ المحنك ، و هي لغة التاجر مع من هم تحته ، و هي لغة لا بد من وجودها بشكل عام و لا يستقيم الأمر أين كان من غيرها .
مما استنبطنا هو أن هذه اللغة هي من أخرجت آدم عليه السلام و أمنا حواء من الجنة فهي إذن لغة كريمة عظيمة ، فاللغة إذا كانت تحسم أمراً و تقطع آخر فهي اللغة ذات الشأن العظيم العظيم .
المشكل في هذه اللغة هو أنّها ضد ما تهواه النفس البشرية و تبغيه و تريده (كيف ذلك؟) ، فالنفس لا تريد أحداً يأمرها ، و لا تريد آخراً يردعها ، و لا تريد من أي أحد كائناً ما كان أن يتحكم في تصر فاتها و أفعالها و كذلك كلامهاً كما هو الآن و كما هو حال الشعوب الإسلامية و العربية على وجه الخصوص ، لذلك ولما كان الأمر على هذا النحو كان لا بد من فقه لهذه اللغة ، ليعرفه من يجهله ، فيجب أن يُعرف هذا الأمر و ذاك النهي في المجالس بشكل عام للصغير و كذلك الكبير للجنسين بشكل عام فكل واحد منهما عليه ما عليه و له ما له و ما عليه مقدم على ما له و الله تعالى أعلم .
الأمر يقتضي النهي ، و لا يقتضي النهي الأمر ، إذا علم هذا كان لنا المكوث في التقعيد لهذه المسألة من غير ما أشكال .
ثم إن هذه اللغة لغة أفعل و لغة لا تفعل لغة لا بد فيها من أن تكون من (الأعلى للأدنى) كأن تكون من الأبوين لأبنائهم ، أو تكون من ملكٍ لمن هم تحنه من حاشية أو نحوٍ من هذا ، فإن كان الأمر على غير الأمر فأعلم أن هذه مما استنكفته العرب بل وصل الأمر للبعض منهم فقال ( من كان هذا حاله رأي فيه فربما أصابه سفه أو طيش ) إذا علم هذا أيضاً علمنا أن هذه اللغة لا بد و أن تكون مقصودة ، ولا يشترط أن تكون ذات نفع كما يقرر هذا علماء المنطق ، كذلك مهم أن تكون هذه اللغة غير مخالفة لنصِ منقول أو خارقة لإجماعٍ معقود فإن حصل هذا بأن خالف نصاً و خرق إجماعاً كان مخالفاً لما أصلّناه ابتداءً من كون هذه اللغة لا بد أن تكون من الأعلى للأدنى و الله تعالى أعلم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين