( 5 )
الوقفة الثانية :
الإخوان المسلمون و التصوف
يقول الأخ جاسم المهلهل في كتابه ( للدعاة فقط) ص: 115 ما نصه:" الإدعاء بأن
الإخوان يمجدون التصوف ويدعون إلى إقامة الدين عليه : أولئك يبنون هذه الدعوى
على فهم معكوس، ولنستبين ذلك سنذكر أشد العبارات في كتب الاستاذ البنا رحمه الله
و التي يمكن أن يشم منها الباحث عن العورات شيئاً يكون عنده سلاحاً يضرب به
أعراض المسلمين ويقطع به لحومهم:
( 1 ) قول الاستاذ البنا رحمه الله عند الحديث عن مراحل الدعوة و مرحلة التكوين :
[ إنها استخلاص العناصر الصالحة لحمل اعباء الجهاد وضم بعضها إلى بعض، ونظام
الدعوة في هذا الطور صوفي بحت من الناحية الروحية و عسكري بحث من الناحية
العملية].
( 2 ) قول الاستاذ سعيد حوى في كتابه ( جولات في الفقهين الكبير و الأكبر ) : [ومن
أجل تذوق العقائد الإسلامية وإقامة الأحكام الفقهية قام علم التصوف في الأصل ثم بعد
ذلك خرج من أصل الوضع فبدلاً من أن يكون تابعاً لعلمي العقائد و الفقه صار متبوعاً
فحدث نتيجة ذلك شرر كبير]. هذان هما أكثر ما يذكره الناقدون " أهـ.
ولنا مع هذا الكلام الخطير هذه الوقفة فأقول مستعيناً بالله : إنك لم تتق الله يا أخ جاسم
في نقلك ولم تنصف حيث إنك ذكرت أبسط وأخف وأضعف العبارات ولم تصدق في قولك
بأنك ستورد أشد العبارات من كلام منظري الإخوان، حيث أن هذه العبارات التي ذكرتها
أنت ليست وحدها هي التي من أجلها اتهمت دعوة الإخوان المسلمين بمناصرة
التصوف و السير في ركابه، وأنها دعوة لا تفرق بين سلفية وصوفية و بالتالي ليس
لدى أفرادها وضوح في العقائد ولا المنهج ولا أصول التربية، بل تأخذ من هذا وذاك
وتجمع بين الأضداد، وما ينفع وما يضر كما يصنع حاطب الليل الذي يجمع الحية مع
الخشب، ولبيان ما تقدم وبيان أنك لم تورد العبارات الشديدة كما وعدت وانك لم تصدق
ولم تنصف في نقلك إليك البيان و الدالة على ذلك :
أولاً : سعيد حوى: وهو أحد كبار منظري الإخوان يقول في كتابه ( جولات في الفقيه
الكبير و الأكبر) الجولة الثامنة ص: 154 ما نصه وحرفه:" ثم إن حركة الإخوان
المسلمين نفسها أنشأها ( صوفي ) وأخذت حقيقة التصوف دون سلبياته !!!" . أهـ.
ويقول الشيخ أبو الحسن علي الندوي في كتابه ( التفسير السياسي للإسلام ) ص:
138-139 :" الشيخ حسن البنا ونصيب التربية الروحية في تكوينه وفي تكوين
حركته الكبرى: إنه كان في أول أمره – كما صرح بنفسه- في الطريقة الحصافية
الشاذلية وكان قد مارس أشغالها وأذكارها وداوم عليها مدة، وقد حدثني كبار رجاله
وخواص أصحابه أنه بقي متمسكاً بهذه الأشغال و الأوراد- إلى آخر عهده وفي زحمة
أعماله " أهـ .
ونقف بعد هذا الكلام قليلاً ونقول: وهذا لعله أحد الأسباب الذي من أجله يسكت
الإخوان المسلمون على الأقل عن محاربة التصوف مع ما جره على الأمة من بلاء
وشر، فقد كان التصوف هو الباب الذي دخل منه الزنادقة و الباطنيون وكل فرق
الضلالة كالرافضة والإسماعيلية، وكل الذين أرادوا ان يأكلوا أموال الناس بالباطل من
أصحاب الطرق والاقطاعيات الدينية وممن استعبدوا الناس واستذلوهم باسم الولاية و
المشيخة و الطريقة وآل البيت !!!.
ثانياً : الصوفية احدى السمات الرئيسية لدعوة الإخوان المسلمين : حيث يقول سعيد
حوى في كتابه ( جولات ..) الجولة الأولى ص: 17 ما نصه وحرفه:" ولقد كتبت
كتاب (تربيتنا الروحية) لتوضيح أحد مواضيع الفقهين الكبير و الأكبر وهو موضوع (
التصوف المحرر) لأضع الأمور في مواضعها في قضية الحقيقة الصوفية التي هي
إحدى السمات الرئيسية لدعوة الاستاذ البنا رحمه الله !!! " ، ويقول أيضاً حوى في
ص: 84 من كتابه ( جولات ) :" وسنحاول في رسالة مستقلة في التصوف وهي (
تربيتنا الروحية) أن نعطي لتصوفنا أبعاده الأصلية، وفي سلسلتنا ( الأساس في
المنهج) سنحاول أن نعرض لكل قضايا التصوف بمزيد البيان على ضوء النصوص
ليكون مسارنا مستقيماً وحجتنا على أمتنا قائمة "!!! أهـ .
ونقف هنا قليلاً ونقول: ولعل ظاناً يظن بأن الصوفية التي ( حررها) سعيد حوى،
وسماها ( التصوف المحرر) هو تصوف خالٍ من الخرافات و الخزعبلات، وشعوذات
الزنادقة ، والحال أنه لا يوجد تصوف محرر قط... ولكن لنساير سعيد حوى وننظر ما
هذا التصوف الذي حرره، وستعجب جداً عندما تعلم وتقرأ أن تصوفه( المحرر) هو
تصوف الزنادقة و الملاحدة الرفاعية الذين يزعمون أن الله قد أبرد لهم النار، واخضع
لهم الأفاعي، و وقاهم من شر الطعن ولذلك هم يجتمعون في حلقات ذكرهم الشيطاني
الذي يستغيثون فيه بشيخهم أحمد الرفاعي الكذاب الذي يدعي أن الرسول-عليه الصلاة والسلام- خرج من
قبره وصافحه في حج سنة 555هـ، تجتمع الزنادقة ويضرب أحدهم نفسه ( بالشيش)
سيخ من حديد في شدقه لتخرج من الشدق الآخر ويشعلون شعلاً من النيران
ويطفئونها في أفواههم على نحو ما يفعله مشعوذة الهند ويسمون هذه كرامات سيدهم
الرفاعي، كنا نظن ان سعيد حوى ( منظر الإخوان ومفكرهم) سيحرر تصوفه المزعوم
من هذا الإفك و المنكر، ولكنه للأسف جعل هذه الشعوذة و الدجل هي التصوف المحرر
الذي يجب على الإخوان المسلمين أن يتقيدوا به وجعله من السمات الرئيسية لدعوة
الإخوان المسلمين.. وهذه نصوص عباراته في هذا الدجل و الهراء: حيث يقول سعيد
حوى في ( تربيتنا الروحية) ص: 218 :" وقد حدثني مرة نصراني عن حادثة وقعت له
شخصياً وهي حادثة مشهورة معلومة جمعني الله بصاحبها بعد أن بلغتني الحادثة من
غيره وحدثني: كيف أنه حضر حلقة ( ذكر) فضربه به أحد الذاكرين بالشيش في ظهره
فخرج الشيش من صدره حتى قبض عليه ثم سحب الشيش منه ولم يكن لذلك أثر أو
ضرر ، إن هذا الشيء الذي يجري في طبقات ابناء الطريقة ( الرفاعية) ويستمر فيهم
هو من أعظم فضل الله على هذه الأمة إذ من رأى ذلك تقوم عليه الحجة بشكل واضح
على معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء، إن من يرى فرداً من أفراد الأمة الإسلامية
يمسك النار ولا تؤثر فيه كيف يستغرب أن يقذف إبراهيم في النار؟ إن من يرى فرداً
من أفراد امة محمد-عليه الصلاة والسلام- يخرج السيف من ظهره بعد ان يضرب فيه في
صدره ثم يسحب السيف ولا أثر ولا ضرر هل يستغرب مثل هذا حادثة شق صدره
-عليه الصلاة والسلام- ؟ إن هذا الموضوع
مهم جداً ولا يجوز ان نقف منه موقفاً ظالماً ومحله في إقامة الحجة في دين الله على
مثل هذه الشاكله، عن الحجة الرئيسية لمنكري هذا الموضوع هي أن هذه الخوارق
تظهر على يد فساق من هؤلاء كما تظهر على يد صالحين وهذا صحيح ( والتعليل)
لذلك هو أن الكرامة ليست لهؤلاء بل هي للشيخ الأول الذي أكرمه الله عز وجل بهذه
الكرامة وجعلها مستمرة في أتباعه من باب المعجزة لرسولنا - عليه الصلاة والسلام -
فهي كرامة الشيخ الذي هو الشيخ ( أحمد الرفاعي) رحمه الله " أهـ .
|