مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 08-08-2003, 03:14 PM   #5
الرجل المستحيل
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2002
المشاركات: 132
المـــــــرء بين المظهـــــــــر والمخبــــــــــر:
ألا تبهرك الماسة بشكلها الجذاب , ومظهرها الحلو , وجمالها الفائق , ورونقها اللبق , وصفائها الهادئ , ولمعانها الوضاء , وقيمتها الباهضة !!! وألا يسوؤك ماسةً اشتريتها , أسرتك بوميضها , وأعجبك مظهرها , وخانتك حقيقتها , فما هي إلا ماسة مخادعة زينها لك البائع !!! كذا الناس , يختلفون باختلاف حقائقهم ومظاهرهم .
إن المؤمن ظاهره يستمد النور من الداخل , وأخلاقه نابعة عن قناعة نفس وسعة صدر , كالأرض الخصبة تزداد خصوبتها كلما نزلت إلى أعماقها هذا بالإضافة إلى الكنوز والجواهر المستترة عن الأعين .

الإنســــــــان بين الإلحــــــــــــاد والإيمــــــــــــان :
الإنسان ذلك المخلوق الضعيف , المغتر بقوته وذكائه , ذلك الجحود حيث الخطيئة . أين سعي الإنسان مقابل رعاية الله ! وأين جهده مقابل حفظ الله ! بل أين عقله من حكمة الله ! أين الإنسان من ربه !
يمر على الإنسان 4 مراحل وهو في صلب أباه , ثم يعقبها مراحل أربع ليكتمل نمو ذلك الحيوان المنوي الصغير . بعد ذلك , يسبح الحيوان المنوي في الرحم من بين 120 مليون حيوان منوي آخر شاقاً طريقه إلى البويضة – التي مرت هي الأخرى بمراحل عديدة – فيخترق غلافها الخارجي , وعندها تختلط الأمشاج مكونة صفات إنسانية فريدة لا ولن يوجد مثلها على مر العصور . ويتلو ذلك , مراحل الحمل , من علقة إلى مضغة غير مخلقة , إلى مضغة مخلقة , والى أن يكتمل النمو , ويلج الدنيا , ويكبر شيئا فشيئا حتى يرد إلى أرذل العمر – إن كتب له العيش إلى ذلك السن – ويخرج منها كما ولج إليها عارياً .
في حياتــــــــــك , كم من مرض جُنبته وأنت لا تدري ؟! وكم مصيبة تعدتك إلى غيرك بقدرة الرحمن وأنت ساهي ؟! . إن رباً حفظك في كل مراحلك السابقة , لهو القادر أن يسبغ ويتم عليك من نعمه في مراحلك القادمة. إذا فلماذا كل هذا الصدود عنه ؟! لماذا لا تدع أمورك يدبر الخالق ؟! لماذا لا تترك لربك التصريف في شؤونك ؟! أليس هو الحكيم العليم – جل في علاه – .

حياتنــــــــــا والرســـــــــــــول :
اصطفى الله رسله من بين خلقه , فهم أولو العقول النيرة , والأبدان الصافية , والعزائم القوية , والفطنة الواسعة – عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم - , وكان آخرهم صفوة رسله , أفضلهم قدرا , وأعلاهم منزلة , محمد –  – , رزقه الله الشفاعة العظمى في يوم التناد , يومٌ كلٌ يقول فيه اللهم سلم سلم , إلا محمداً يقول أمتي أمتي . نحبه – عليه الصلاة والسلام – ونتمنى رؤيته , ونسأل الله شفاعة نبيه .
ولكن ما نصيبنا من تعاليمه !!! وما حظنا من هديه !!! ألا يجب علينا أن نتخذه القدوة فوق كل قدوة , ونجعل منه المثل الرفيعة نعمل بها , أم أننا نحبه – قولا – فإذا ما جد الجد استهوتنا أنفسنا ؟!! ونسينا أوامر ه ؟!!

بقدر ما تكون , يكون الإعصار ضدك :
الحسد , أول جريمة اقترفت كانت باسمه , يظهر في كل مكان وزمان طالما أن فيه شيء وضده , فالوضيع يرى الرفيع مُتحدياً له , والفقير يرى الغني منافساً له , ويتخذ الدميمُ الوسيمَ عدواً لدوداً , وهكذا دواليك . وكلما ازداد المرء حظه من الدنيا , قوي الإعصار أمامه , فالنفس إذا استشرهت ودت لو أن لها ما في الأرض جميعا , وقيل :
إذا محاسني اللائي أدل بها ............... كانت ذنوبا فقل : كيف أعتذرُ
إننا – خاصة في هذا الزمن زمن الماديات – نشهد أعتى عصور الحسد , فأصبح يقوم الناس عليه ويرقدوا , فكم من مواهب دفنت , وكم من عبقريات وُصمت بالغباء , وكم من كريم لقب بالبخيل , وكم من عفيف صُور خسيساً , فأصبح لزاما علينا استشعار قول المتنبي كل حين :
وإن أتتك مذمتي من ناقص ...............فهي شهادة لي بأني كامـــــل
وتذكر أن الناس لا ينقمون على وضيع , بل جل همهم العظماء والشرفاء من الرجال , فلا يسلبونك ثقتك بنفسك , ولا تيأس فإن ما تواجهه من نقد لاذع هو جزاء ما أُتِيتُه من شرف ورفعة .
ولكن ليس من السهولة النجاة من أحقاد الحاقدين , وشرور الحاسدين , لذا لا بد لنا من التمسك بحبل الله المتين , تحت حفظه , وبرعايته , ( قل أعوذ برب الفلق # من شر ما خلق # ومن شر غاسق إذا وقب # ومن شر النفاثات في العقد # ومن شر حاسد إذا حسد ) .

لا تستهوينك العامـــــــــــة :
قيل : رحم الله امرئ أهدى إلي عيوبي . أمر جميل ولكن أن تؤخذ الملاحظات على أنها مسلمات فهذا معيب , فلا كل الملاحظات صحيحة , وبعضها مكيدة . إن الرجل الواثق من خطواته , والعصي على أهوائه , المتمسك بفكرته , لا يستوقفه هراء العامة , ولا يضيره نقد الجماهير , أو تثبيط المثبطين , بل يطير بنفسه فوقهم , ساعياً إلى هدفه , يستحثه عزمه , ويساعده إيمانه , ولسان حاله : (اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون # من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب عظيم ) . ولكن البعض – من فرط ثقته – لا يكترث بالناس وأرائهم , وما قد يكنونه من إخلاص ومحبة , ولكن الوسطية محمودة , فلا تُعطى العامة أكثر من حقوقهم , وقيل : إن العامة تستدرج الخاصة , فإذا جد الجد كان على الخاصة أن يدبروا أمرهم .

حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا , وِزنُوها قبل تُوزنوا :
في مجال المال , الورق والتدوين سر المضاربة والتجارة , فلا تجد شركة إلا ولديها سجل كامل عن نشاطها وسيرها ومكاسبها وكل شيء عنها , بل إن أي غلطة في دوين صفقة ما أو نشاط معين قد تُودي الشركة إلى الإفلاس . ولكن ماذا عن أنفسنا التي هي ميدان التجارة الحقيقة , فمكسبها الجنة , وخسارتها النار , هل حاسبنا أنفسنا كما نحاسب أعمالنا ؟!! أليس يجب علينا أن نكون أمناء مع أنفسنا الذاتية كما نحن مع أنفسنا المادية ؟!! أليست الخسارة النفسية أشد وأنكى مما قد نفقده من متاع الدنيا الذي سنخسره – لا محالة – يوماً ما ؟!!


.....................وللموضوع بقيــــــــــــــة .
__________________
بالكتاب والسنة فقط , نستطيع النهوض
الرجل المستحيل غير متصل