بسم الله الرحمن الرحيم
إي و ربي هكذا رأيت كتاباً بهذا العنوان في معرض الكتاب الدولي الأخير بالرياض ، و بينما كنت ألتفت يمنة و يسرة و أنا أسعى سعيًا على عجالة من أمري ، لفت النتباهي هذا العنوان الغريب ، و لكن من عايش واقعنا و اندمج في مجتمعه أدركـ أن البساطة فن نحتاجه هذه الأيام وهو و إن كان فطرياً إلا
أن عوامل التعرية الثقافية أدت إلى اندراس البساطة بعد أن كانت هي الأصل الذي لا يخرج المجتمع عنه ، بل و لا يقدر أن يخرج عنه إذ أن البيئة الصحراوية القاحلة تحرض على وجود البساطة و استحكامها على الأشخاص و المجتمع و بيئته و مقوماته .
و بعد ذهاب ذلك الجيل البسيط جيل الطين و الزراعة و القرية البدائية ، جاء الجيل الآخر الذي يعج بالتقنية و التطور و التواصل العالمي ، بالإضافة إلى الانتقال إلى مرحلة العيش المترف و الحياة الرغيدة ، كل هذا ساهم في خلق تعقيدات تولدت في نفس المرء من أبناء هذا الجيل ،
حتى أصبح بعضهم غامضًا في حديثه و في نظراته و في تعامله معك ، حتى أنك تود أن تطلب ( كتالوج ) يعرفك على كيفيه التعامل مع هذا الكائن الغريب فعلاً ، تماماً كما هو الحال مع الآلات المعقدة و الأدوات التكنولوجية ..
و لكن يبقى أناس يتعاطون المواقف ببساطة متناهية و بقدرة فائقة على التكيف مع كل بيئة و مع كل شخصية ،
و هؤلاء هم أبعد الناس عن التخوف من تغير المكان عليهم ، و لا يشعرون أنهم في غربة أبداً ، فنفوسهم فسيحة تتسع للكل ، و لسانهم متعدد اللهجات يُخاطب الكل ، و مواهبهم متعددة أيضًا ، لأنهم يعرفون شيئا من كل شيء ، بحكم مخالطهم لكل أصحاب التخصصات و الهوايات و الميول .
كم من المواقف المحرجة التي قلبوها إلى طرفة آنستهم و آنست جلسائهم ، بينما الذين لا يتمتعون بالبساطة يجعلون المواقف المحرجة التي تواجههم ، محل ضحك عليهم أو سخرية بسبب رسميتهم الزائدة و هم لا يشعرون ، بل إنهم هم أنفسهم لا يريدون الظهور في مثل هذه المواقف و لا يتقبلونها .
فن البساطة أحوج ما يكون إليه المرء هذه الأوقات مع أهله أولاً و مع زملائه ، و مع كل من يخالطهم من الناس ، و أخص بذلك أصحاب الرسالة و الهدف النبيل ، من دعاة و تربويين و آباء ، و أنا أحسب أن كل من يقرأ هذه الكلمات لا أبد و أن يندرج تحت فئة من أولئك .
شكراً لكم أحبابي ..
أخوكم / عبدالله .