من السنن المهجورة في السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد المصلي السلام بالإشارة .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : [ وكان ـ أي رسول الله ـ يرد السلام بالإشارة على من يسلم عليه ، وهو في الصلاة ] .
وقال أيضاً : [ ولم يكن يرد بيده ولا برأسه ولا إصبعه إلا في الصلاة فإنه كان يرد على من سلم عليه إشارة ، ثبت ذلك عنه في عدة أحاديث ] .
ومن هذه الأحاديث :
1 ـ عن جابر رضي الله عنه قال : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لحاجةٍ ثم أدركته وهو يصلي ، فسلمت عليه فأشار إليّ ) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داوود وابن ماجه .
قال النووي في فوائد الحديث : ( وتحريم رد السلام فيها باللفظ ، وأنه لا تضر الإشارة ، بل يستحب رد السلام بالإشارة ، وبهذه الجملة قال الشافعي والأكثرون ] .
2 ـ عن صهيب رضي الله عنه قال : ( مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد إشارة وقال : ولا أعلمه إلا قال : إشارة بإصبعه ) أخرجه أحمد وأبو داوود والترمذي وابن خزيمة .
3 ـ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( قلت لبلال : كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يُسلمون عليه وهو في الصلاة ؟ قال : كان يشير بيده ) أخرجه الترمذي
وصححه العظيم آبادي في التعليق على الدارقطني . والعلامة الألباني في الصحيحة ولفظ أبي داوود : [ فقلت لبلال : كيف رأيت رسول الله يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي ؟ قال : يقول هكذا ، وبسط كفه . وبسط جعفر بن عون كفه وجعله بطنه أسفل ، وجعل ظهره إلى فوق ] أي الكف .
4 ـ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ( لما قدمت من الحبشة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فأومأ برأسه )
قال العظيم آبادي في عون المعبود : [ اعلم أنه ورد الإشارة لرد السلام في هذا الحديث بجميع الكف وفي حديث جابرٍ باليد ، وفي حديث ابن عمر عن صهيب بالإصبع وفي حديث ابن مسعود .. فقال برأسه ، يعني الرد . ويجمع بين هذه الروايات بأنه صلى الله عليه وسلم فعل هذا مرة ، وهذا مرة فيكون جميع هذا جائزاً ] .
والحاصل مما تقدم : مشروعية السلام على المصلي ، ومشروعية رد المصلي السلام بالإشارة .
قال الخطابي في معالم السنن : [ قلت : رد السلام في الصلاة قولاً ونطقاً محظور ، ورده بعد الخروج من الصلاة سنة .. والإشارة حسنة ] .
تنبيه
على دليل من خالف في ذلك وهم الحنفية ، كما في بدائع الصنائع
حيث خالفوا في المسألتين فقال : [ ولا ينبغي للرجل أن يسلم على المصلي ، ولا للمصلي أن يرد سلامه بإشارة ولا غير ذلك ]
وقال : [ غير أنه إذا رد بالقول فسدت صلاته ، لأنه كلام ، ولو رد بالإشارة لا تفسد ، لأن ترك السنة لا يفسد الصلاة ، ولكنه يوجب الكراهة ]
ودليلهم على ذلك ما رواه أبو داوود والدارقطني
عن أبي غطفان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد صلاته ) وهذا لفظ الدارقطني
قال الحافظ الزيلعي الحنفي في نصب الراية : [ ولنا أي الحنفية حديث جيد ثم ذكره وقد أعل هذا الحديث جمع من الحفاظ والمحققين منهم مخرجه أبو داوود ، فقال عقبة : [ هذا الحديث وهم ] ، وقال الدارقطني : [ قال لنا ابن أبي داوود : أبو غطفان هذا رجل مجهول ، وآخر الحديث زيادة في الحديث ، ولعله من قول ابن أبي اسحاق ، والصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة ]
كما أعله ابن الجوزي في التحقيق بعلتين :
الأولى : عنعنة ابن أبي إسحاق .
والثانية : جهالة أبي غطفان .
وتابعه على هذه العلة ابن القيم فقال في الزاد : [ ولم يجيء عنه ما يعارضها إلا بشيء باطل لا يصح عنه كحديثٍ يرويه أبو غطفان رجل مجهول عن أبي هريرة ]
والمخالفة فيها من وجهين :
الوجه الأول : أنها زيادة على أصل الحديث المعروف والمشهور عن أبي هريرة : ( التسبيح للرجال والتصفيق للنساء )
وهو حديث له طرق في الصحيح ، وليس فيها هذه الزيادة التي زادها ابن إسحاق .
الوجه الثاني : مخالفته للأحاديث الصريحة الصحيحة المتقدمة في ذلك
ولهذا قال ابن هانيء في مسائله عن الإمام أحمد في الحديث : [ لا يثبت إسناده ليس بشيء ]
وبهذا يتبين سلامة الأحاديث السابقة الدالة على مشروعية رد السلام في الصلاة بالإشارة ، وأنه لا معارض لها معتمد
ولهذا قال البيهقي : [ والأخبار التي مضت تبيح التسليم على المصلي والرد بالإشارة وهي أولى بالاتباع ] والله أعلم وأحكم .
وقال ابن عثيمين في فتاويه : [ إذا سلم الإنسان على المصلي فإن المصلي لا يرد عليه بالقول ، ولو رد عليه لبطلت صلاته ، لأن الرد عليه من كلام الآدميين ... ولكنه يرد عليه بالإشارة ، بأن يرفع يده هكذا مشيراً إلى أنه يرد عليه السلام . ثم إن بقي المسلم حتى انصراف المصلي من صلاته رد عليه باللفظ ، وإن لم يبقى وانصرف فالإشارة تكفي ] .
كيفية الرد على من بلغه سلام أن يسلم على المبلغ والمرسل .
قال ابن حجر : [ ويستحب أن يرد على المبلغ ] .
وقال ابن القيم : [ وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا بلغه أحد السلام من غيره أن يرد عليه وعلى المبلغ ] .
وذلك لما أخرجه أبو داوود وأحمد والنسائي : ( ما يقول إذا قيل له : إن فلاناً يقرأ عليك السلام ) .
ومن حديث رجلٍ من بني نمير عن أبيه عن جده أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن أبي يقرأ عليك السلام قال : ( عليك وعلى أبيك السلام ) .
وقد ورد ذلك من فعل زوجيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ خديجة وعائشة ـ رضي الله عنهما فأقرهما :
1 ـ خديجة رضي الله عنها : عن أنس رضي الله عنه قال : ( جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده خديجة وقال : إن الله يقريء خديجة السلام فقالت : إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله ) .
قال ابن حجر : [ ويستفاد منه رد السلام على من أرسل السلام وعلى من بلغه ] .
2 ـ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : ( يا عائشة ، هذا جبريل يقرأ عليك السلام ، فقالت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ، ترى ما لا أرى ـ تريد النبي صلى الله عليه وسلم ـ )
ولكن هناك زيادة في مسند الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( فقلت : عليك وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ) .
قال الألباني : [ وإسناده صحيح . وهذه زيادة هامة في هذا الحديث ] والله أعلم وبالله التوفيق .
السلام عند الانصراف والقيام من المجلس وهو الإلقاء وليس المصافحة .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم فإذا أراد أن يقوم فليسلم ، فليست الأولى بأحق من الآخرة ) أخرجه البخاري وأبو داوود والترمذي وغيرهم .
وروى البخاري عن معاوية بن قرة قال : قال لي أبي : ( يا بني إن كنت في مجلس ترجو خيره فعجلت بك حاجة ، فقل : سلام عليكم فإنك تشركهم فيما أصابوا في ذلك المجلس ) الحديث .
قال الألباني : [ والسلام عند القيام من المجلس أدب متروك في بعض البلاد ، وأحق من يقوم بإحيائه هم أهل العلم وطلابه ، فينبغي لهم إذا دخلوا على الطلاب في غرفة الدرس مثلاً أن يسلموا ، وكذلك إذا خرجوا ، فليست الأولى بأحق من الأخرى ، وذلك من إفشاء السلام المأمور به في الحديث ] .
وقال النووي : [ السنة إذا قام من المجلس وأراد فراق الجالسين أن يُسلم عليهم ] .
وقال : [ لأن السلام سنة عند الانصراف ، كما هو سنة عند اللقاء ] .
تنبيه
والسلام هنا هو الشرعي بصيغته الشرعية
أقلها : السلام عليكم
وقد استبدل الناس عنها [ مع السلامة ] ، [ في أمان الله ] ، [ مساكم بالخير ] ، [ استودعكم ] ونحوها .
وهذا استبدال للذي هو أدنى بالذي هو خير .
.
.
من كتاب الوصية ببعض السنن شبه المنسية
جمع وإعداد / هيفاء بنت عبد الله الرشيد . دعواتكم. منقول للفائده
__________________
لاتطري بريدة طريه رديه ... ولاتجدع راسك سبايب سواليف
لاقالوا بريدة بد التحيه ... ايدك على راسك محارم وتشريف
|