بسمِ الله الرحْمَنِ الرحيم
الكِتَابةُ لها نفسٌ و نشوة ، و فيها شِرَةٌ و فترةٌ ، و الكاتِبُ فيها ما بينَ إِقْبَالٍ و إدبار ، فتلقاهـُ حينًا يُكلفُ نفسه جاهدا ليستنطقَ قلَمهُ ، و يستدرَ من الحروف ، ما تبقى حابسة عن البوح ، معرضةً عنه الصفح .
فيُحرمُ حينهَا من نثرِ معرفَته ، و تأدية زكاة تجربته ، و إمتاعِ متابعيه ، فتغلبهُ الحسرة ، و تُشرِقُه العبرة ، لأنه يرى في الكتابةِ سَهلاً ممتنعًا ، فهي و الحالةُ تلكَ قريبة من النفسِ بعيدةً عنها .
و أما إذا أجهشت بالحروفُ ، استبشرَ و استنار ، و زفَ مقالته المنمقةَ ، بكلماتِه المحققة ، و أفكارهـ المشرقة ، يبشر بها من أطالوا عليه في العتاب بسبب البعد عنهم و الغياب ، عن المحبينَ و الأصحاب ، فالكلمة تخرجُ منه تحمل عمقها و دقتها ، و توحي بجَرسِها و إيحائها ، فهو يُضيفُ إلى رصيدهِ المعرفي ، و إنتاجه الفكري و الأدبي ، ما يكون زاداً له و لغيرهِ .
طُبعتْ النفوسُ على الملل ، و جبلت على التبايُنِ في التقدمِ و التأخر ، و مُغالبةِ النقيضين في داخلها ، و تصارع الميول و الرغبات ، فإن هي استسلمت لفتورها قُتلت نفسها بنفسها ، و إن هي اشتدت و جدت في نشوتها اكتسبت و أكسبت ، و سدت ما يعتريها من الخلل في فتورها ، و يؤانسها حين الأسى على انقباضها عن العطاء .
فإذا شعرت بنشوة الكتابة فاكتب قبلَ ألا تكتب حين الفتور و التراخي ..
أخوكم / عبدالله