مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 06-07-2009, 04:04 AM   #24
د / ماسنجر
طائر .. أتعبته الهجرة
 
صورة د / ماسنجر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
البلد: مَع حِبر الأحـرُف
المشاركات: 822



في تلك اللحظة قرّبت إلي كوب القهوة الإيطالية .. بعد أن مكثت دقائق لانتظاره في دكان يهتم بتلك المشروبات مع قليل من الساندويتش الحارّة .. التي تُذهب الجوع وتداعب الأمعاء ، يُسمّى : Fan Jan Café .. ، المكان هادئ جداً .. والأجواء معتدلة ، أصوات الجلوس يهمسون إلى بعضهم .. ومن هنا ضحكة عالية بين اثنين جالسين .. وعامل الدكان يقوم بخدمة الزبائن ، قهوة بيده وكوب ماء آخر يُقدمه لهم ، وذاك يدفع للمبيعات قيمة المشروبات .. وذاك لوحده يقوم بالكتابة على لوحة مفاتيح جهازه المحمول .. هل تضنون أنه يكتب كما اكتب .. !! ، لا اعتقد .. لأن الذي جاء بي إلى هنا هو الحَديث عن لُوجينَا .. تلك الأنثى التي سَلبت عقولكم بَعد عقلي .. وجعلت علامات الاستفهام تدور فوق رؤوسكم كالطائرة التي تشتكي عطلاً ولا تستطيع النزول ? .
ربما تختفي تلك العلامات ، وربما تبقى عالقةً فوق هاماتكم ، فالكلمات التي سأنثرها لكم الآن هي حقيقة ليست خيال .. ولكن ربما يقودكم خيالكم إلى شيء من نسج الخيال ، وربما يقودكم إلى خيال قد يكون حقيقة .. وربما لا يقودكم لا إلى حقيقة ولا إلى خيال .. بل يجعلكم صامتين منتظرين ما يجود به فكري من كلمات .


وَ سَافـرتُ عَنـهَا ..

وقفت أمامها حاملاً أمتعتي .. متحدثاً إليها بكل هدوء وحُزن :

لوجينا .. صدّقيني لا أحب تلك اللحظة التي أعيشها وتعيشينها الآن ، من السيئ أن يكون ابتعادي عنك لظرف السفر والنزهة .. لم يكن بالوِدّ فعل ذلك ، يُحزنني أن ابتسم وألهو .. وأرتشف الأُنس بلا عينيك ، ويُغضبني أني لم أجد حلاً يجعلكِ تُصاحبيني في سَفري .. فلو كان ذلك ! ستكون النظرات تجاهي باهرة وملحوظة .. بل لن أستطع شُرب كأس الراحة معكِ وأنا هناك .. من أجل ذلك أنا أفضل بقاءك ، بشرط أن أعوضك عند قدومي .
كأنها أرادت أن تتحدث ولكن أحدهم وقف وقال : يا دكتور .. ! لقد تأخرنا على موعد الرحلة .. هل تفضل الجلوس أخبرني !! ، نظرت إلى لوجينا .. بعينٍ مُنكسرة .. وكأني أقول : اعذريني ..سأكون هنا بعد عدة أيام .

وسَافرت عنها .. بعد أن سافرت الأفراح إليها ، وبقيت الآلام ... آلام القَهر تأكلني من هُنا وهنا .. حتى أصبحت مشاعري مشوّهةً إثر ذلك ، سَافرت عنها وكانوا يُغنون فرحاً .. ويسمرون معاً ، وأنا أغني حُزناً .. وأسمر مع القمر ، أناجي ضوءه المنبعث من سطحه ، علّه يوصل سلامي إلى لوجينا .. علّه يمتصّ بشعاعه صورتها فتسطع به لأراها وأنا على بعد مئات الكيلوات عنها ، وعلّه يمتص حبّي لها من قلبي .. ويُرسله إليها ليضيء ما حولها .

مكثت في تلك الديار أياماً يسيرة .. مابين التفكير في تلك الصاحبة ومابين تفكيرهم في شأني : دكتور ما بك .. ! ، وذاك يخرج من الغرفة ليسألني : دكتور !! ما بها حالك متردية هكذا ؟ كنا نعتقد أنك ستكون الأنيس بيننا والسعيد معنا .. فأصبحت عكسنا .. ! ، رفعت رأسي انظر بحُرقة : إنها لوجينا .. لا أدري عنها ، قال : كيف لا تدري وقد كنت تحادثها قبل خروجنا ؟ ، قلت بأسى : كانت متعبة قبل أن أسافر .. وأخشى أن تحتاجني ولا تجدني ، قال : ستجد الله معيناً لها ، قلت : ربنا سبحانه خلقني وخلقك وخلقها ، ويسّر للجميع سبل العيش باحتياجنا لبعضنا .. وأعرف لوجينا صامتة لا تتحدث عن ما يُنهك قواها ويُهلك جسدها ، صمت هُنيهةً ثمّ قال : دكتور ألا تعلم أننا سنعود الآن إلى الديار !! ، أجبتهُ : حقاً ، وبانت علامات الفرح على محيّاي ، قال : نعم حقاً احزم أمتعتك أمامك 15 دقيقة ، قلت : حسناً .

عُدنا بعد السفر ، وكل تفكيري : أتمنى أن تكون في تمام الصحةِ والعافية ، يملكني التفكير بها على طول الطريق .. حتى وصلت إلى الديار .. وذهبت إلى مكانها الذي عوّدتني أن أجدها به كلما أردتها ، دخلت عَليها : لوجيـنا .. ! لوجيـ .. !!! ، ماذا أرى .. هل يكون ما أراه حقيقة .. أم أني أعيش في حُلم .. !! .


آووه .. يبدو أن حرارة القهوة زالت ..
ولكن حرارة المشاعر التي تملكها لوجينَا باقيَة ..
لا يهمّني مذاق القهوة، فمذاق الحَديث عنها ، استحوذني


لمن يود أن يطلع عليها . في المُدَوّنَة " هُنا ".،

- 3 -
__________________
[POEM="type=1 font="bold large 'Traditional Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]على مهلك .. ترى ذكراك ماتت = وأغصان الفراق اليوم حيّه
عيوني .. عن لقاك اليوم صامت = وحبّك زال عن دنياي ضيّه[/POEM]

سَلمان
د / ماسنجر غير متصل