ودَاعاً لُوجيـنَا ..
لوجينا أمامي تتقلّب وبَحركةٍ سريعة ، وضعت يدي بكل هدوء عليها بعد أن قطبت حاجبيْ ، يا إلهي .. إن لونها بدأ يميل إلى الأصفر !! ، يا إلهي .. يا ربّي .. يا حيّ يا قيُّوم .. ، بدأت أشعر بأن سفري لم يكن إلا سوءاً عليها .. نَظرت إليّ بعينٍ مُودٍّعَة ، لا تستطيع أن تتكلم ولا تصرخ لأن الألم الذي يَعصِرُ قلبها سيُميتها ، خَنقني الحُزن .. بعد أن خَنقتني عَبرتي .. : أرجُوكِ يا لوجينا ، قمت بإشعال بقية الأضواء .. لأتمكن من رؤيتها بوضوح .. قرّبت إليها كثيراً لأرى عيناها ، دخل عليّ أحدهم : دكتور .. ! ما بك ؟ ما بها لوجينا .. ؟! ، لم أرد عليه .. لقد كان حَديثي إليهِ : موقفي كَكُل ، فالدمعة التي سقطت من عيني تبقى حديثي كله وردّي على سؤاله .. ، اقترب إلى جانبي بعد أن ربّت على كَتفِي .. كأنه يودّ أن يتحدث ولكن الأجواء تمنعه من ذلك وحُزني وحده يمنعه ، قام وذهب بعد أن وقف قليلاً عند الباب ، نَظرت إليها .. والدنيا بعيني كـ حبة الرَّمل .. نظرت إليها .. تودّعني ولا أملك في يدي أي حيلة وحَل للخلاص من وداعها .
نظرت إليها وأمعنت النَّظر ، وكأنها تقول :
دكتُور .. شكراً ، على كل لحظةٍ قضيتها بجانبي ، وشكراً على كل بسمة رميتها إليّ ، وشكراً على كل دمعةٍ كانت لأجلي ، وشكراً كقطرات المَطر أقولها لك .. إن الزمن الذي بقيت به معك ، أغلى عليّ من قلبي ونفسي ، إنها دقائق وساعات وأيام وأسابيع حتى كانت شهوراً بقيت بها معك ، لن أنسى فرحتك عندما رأيتني في الدكَّان ، وأبهرك جمَالي .. ، ولن أنسى كلماتك العَذبَة التي قلتها إليّ قبل أن يُغلقوه ، ولن أنسى ضحكتك الصارخة بعد أن وصلنا إلى منزلك ، ولن أنسى الشجرة الوارفة التي أهديتني إياها بمناسبة التحاقي بِك .. وكانت ظلاً لي ، ولن أنسى .. ولن أنسى ، فالحياة معك مواقف حُلوَة ، منبعها أنت .
بَعد أن جفت مدامعي الأولى ، خَرجت دمعة وحيدة .. لم تكن لها أخت ولا صاحبة ، سَارت من بين أهدابي وعَبرت من فوق وجنتي ، كأنها تنادي باسمك : لوجينا .. لوجينا ، حَتّى مدامعي أيتها الغَالية تُنَادي عَليك ، أن لا تَرحليْ ، سيكون ذلك حَديثي الأخير إليك .. ولا أدري إن كان قلبك مازال ينبض قبل موتك .. أم أن الله قبض روحك :
إن الدنيا كما عودتنا .. اجتماع وفِراق ، وإن الحياة كما عوّدتنا تحتوي على طَعمين الحلو والمُرّ ، ولقد ذقت معك الحلو بجميع أصنافه ، والآن !! ها أنا أذوق المُرّ ، وأعلم أن ذلك المذاق سيُنهكني ويُرهق رُوحي .. لتعلمي : أن الجَرح بوُجودك الصّامت يَطيب ، أما بفِراقك !! ستؤلمني جروحاً لم يكن لها وجود ، أترين مدامعي الآن !! ، أترين مدى حبي لكِ !! ، لم آنس في سفري ولم أرتح في نَومي ، ولم أسعَد في يومي ... ، وخَفق قلبها خفقةً حرّكت جسدها كله جعلتني لم أكمل حديثي إليها ، وبجزءٍ من الثواني خَمدت روحها .. وفَارقت الحياة ، حَزنت لحالها وظَللت أتمتم : لن أنساكِ .. لن أنساكِ ، ودَاعاً لُوجِيْنَا ...
ودّعتُهَا .. ثم حملتها .. ورَميتها بعيداً ، بعد أن قمت بتفريغ حوضها من الماء .
فلا حاجة بجسدها .. مادامت روحها ميّتة ..
تَمّت ،
والوَداع يا لوجينا .. 
لمن يود أن يطلع عليها . في المُدَوّنَة " هُنا ".،
- 4 -
__________________
[POEM="type=1 font="bold large 'Traditional Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]على مهلك .. ترى ذكراك ماتت = وأغصان الفراق اليوم حيّه
عيوني .. عن لقاك اليوم صامت = وحبّك زال عن دنياي ضيّه[/POEM]
سَلمان
|