~
أجساد تُدفع إلى حتفها ، ولافتاتُ براءة تُكفن الأجساد بِها ، وديار زلزلت الحروب أرضها لتصبح قبورًا لنازليها .
زمن طويل عشت بين أفراد عائلة أجنبية زُف أحد أبنائها إلى إحدى القطاعات العسكرية ، لم يُكمل العقد الأول في حياته ، ربما أنه وجد المستقبل الآمن في هذه الحياة الأمنية ، وكان القدر يُخبئ عنه أن حرباً طاحنةً تنتظره في إحدى الدول المسلمة المُحتلة ستكتب له نهايته .
قد أكون معنيًّا في دائرة النقاشات لأني أحمل في قلبي الديانة المسلمة التي تحملها تلك الديار المُحتلة ، إلا أنني باقٍ صامت لأن النِّقاش في هذه الأمور سيُحدث تفكك لما كنت أبنيهِ معهم منذ مدة طويلة .
دارت قبل عدة أيام هذه المعركة يرونها المُسلمون أنها مُباركة لأنهم سيظفرون إما بنصر أو شهادة ، ويراها هؤلاء وكنت أترقب في أعينهم كُل شيءٍ يُعبر عما بداخل قلوبهم أنها حرب تُحاول دولتهم الإنتصار على حساب حياة أبنائهم ، وكثيراً ما أرى صبراً لما يُواجههم عسى أن يعود في يوم من الأيام فلذة كبدهم .
كانت المواجع تُؤرقهم والصمت قد أطبق على أفواههم ، ينتظرون ما يُعيد إليهم أنفاسهم ويؤمن لهم حياتهم بجانب ابنهم .
الأيام بسيرها بطيئة ، ودقات الساعة مُخيفة ، والأوجاس فيهم ليست مُطمئنة ، أحداثٌ قد نراها نحنُ تمر علينا بشكل سريع .
في الحرب حمي الوطيس ، واشتعل فتيل القوة والعنف في المواجهة ، الآن لحظة حسم لا عطف وترحم ومجاملة ، فقضى المُسلمون وكما يُسمونهم " الإرهابيين " على جنود الدولة المحتلة لديارهم وبلمح البصر على ثُلة فِتية يُقاتلون لصالح الإحتلال .
أخبار سارع بسردها الإعلام مُعزيا أهاليهم بذلك ، وبدأ بالمديح لهم ولشجاعتهم بوفائهم لوطنهم والوقوف معه في المواجهة ، إلا أن العائلة التي أقطن معها بدأت بصب الذم والشتم واللعن لديار المسلمين ، فهم ديار عنف وهمجية ودمار وقتل وتخريب ، كل هذا وأنا ما زلت متربعا بينهم .
دار نقاش طويل بيني وبينهم فهم يُدافعوا عن ابنهم وأنا أدافع عن ديار المسلمين بسؤالي لهم ، وماذنب المُسلمون بمن يحتل ديارهم ؟
الصمت رهيب للتمعن في السؤال ، فالمسلمون لم يُقدموا لنا دعوة لإحتلال ديارهم ، أو استضافونا وعند الوصول إليهم غدروا بنا ، نحن من ذهب إليهم .
ولحظة غضب تجتاح أحدهم قائلاً ستعوضوا لنا دم أخي إلا أنني أعدت عليه السؤال علَّه يُجيبني
إنْ مات ابنكم ، فكثيرٌ من المسلمينَ ماتت أبنائهم ، واغتصبت نسائهم ، ويُتم أطفالهم ، وشُردت أسرهم فمن سيُعوض لهم ؟!
لماذا أصبح لدمائهم قيمة ودماء المسلمين رخيصة بل مجانية !
~