..الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيراً .
وأحسن إليك
أولاً : جاء الحثّ على التداوي ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام :
" تداووا فإن الله عز وجل لم يَضَع داء إلا وَضَع له دواء غير داء واحد : الْهَرَم " رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه .
وفي رواية لأحمد : تداووا عباد الله ، فإن الله عز وجل لم يُنْزِل داء ألا أنزل معه شفاء إلا الموت والهرم .
وفي رواية لأحمد أيضا : فإن الله لم يُنْزِل داء ألا أنزل له شفاء ، عَلِمَه مَن عَلِمَه ، وجَهِلَه مَن جَهِلَه
وأصل الحديث عند البخاري من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : ما أنزل الله داء إلا أنْزَل له شِفاء .
وفي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لكل داء دواء ، فإذا أصيب دواء الداء بَرأ بإذن الله عز وجل .
وجاء في ذِكْر الحبة السوداء : شِفاء مِن كل داء إلا السام . قال ابن شهاب : والسَّام الموت . والحبة السوداء الشونيز . رواه البخاري ومسلم .
ثانيًا : لَم يَجْعل الله شفاء هذه الأمة فيما حرّم عليها .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام عن التداوي بالخمر : إنه ليس بدواء ولكنه داء . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حَرّم عليها . رواه أبو داود .
قال ابن حجر : والنجس حرام فلا يُتَدَاوى به ؛ لأنه غير شفاء . اهـ .
فلا يَجوز التداوي بما هو نجِس مثل : بول الآدمي وشُرْب دَمِـه .
ثالثاً : أبوال الإبل ليستْ نجِسَة على الصحيح ، وهو قول الإمام مالك والإمام أحمد والإمام البخاري ، وطائفة من السلف ، ووافقهم من الشافعية ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان والاصطخرى والروياني ، ومن الحنفية محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة .
ودليل طهارة أبوال الإبل ما رواه البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن نَفَرًا من عُكل قَدِمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها ؟ فقالوا : بلى ، فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِن أبوالها وألبانها فَصَحّوا .. الحديث .
وفي رواية للبخاري : فاشْرَبُوا من ألبانها وأبوالها ، فَخَرَجُوا فيها فَشَرِبُوا مِن أبوالها وألبانها واسْتَصَحّوا .
وفي رواية للبخاري : فأمَرَهُم أن يأتوا إبِل الصَّدَقَة فَيَشْرَبُوا مِن أبوالها وألبانها ، فَفَعَلُوا فَصَحُّوا .
ولو كانت أبوال الإبل نجِسَة لما أمرَهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يَشْرَبُوا منها .
قال ابن القيم : وفي القصة دليل على التداوي والتطبّب ، وعلى طهارة بَول مأكول اللحم ، فإن التداوي بالمحرمات غير جائز ، ولم يُؤمَرُوا مع قُرب عَهدهم بالإسلام بِغَسْل أفواههم وما أصابته ثيابهم من أبوالها للصلاة ، وتأخير البيان لا يجوز عن وقت الحاجة . اهـ .
وقد ذَكَر ابن القيم رحمه الله أن أبوال الإبل تنفع لِعلاج الاستسقاء .
قال ابن القيم : ولما كانت الأدوية المحتاج إليها في علاجِه [ يعني : الاستسقاء] هي الأدوية الجالبة التي فيها إطلاقٌ مُعتدل وإدْرَار بحسب الحاجة ، وهذه الأمور موجودة في أبوال الإبل وألبانها أمَرَهم النبي صلى الله عليه وسلم بِشُرْبِها ، فإن في لبن اللِّقَاح جَلاء وتَليينا وإدرارا وتلطيفا ، وتفتيحا للسَّدد إذ كان أكثر رعيها الشيخ والقيصوم والبابونج والأقحوان والإذخر وغير ذلك من الأدوية النافعة للاستسقاء . وهذا المرض لا يكون إلا مع آفة في الكَبد خاصة ، أو مع مُشاركة ، وأكثرها عن السَّدد فيها ، ولبن اللِّقَاح العربية نافع من السّدد لما فيه من التفتيح والمنافع المذكورة .
ونَقَل عن صاحب القانون قوله : وأنفع الأبوال بول الجمل الأعرابي وهو النجيب . اهـ .
إلا أن أهل الاختصاص لا يَنْصَحُون بِشُرِب أبوال الإبل مُفْرَدَة ، بل لا بُدّ أن تُخلَط مع ألبانِها .
وقولك – حفظك الله – (من الناحية الدينية أعرف أن البول هو من النجاسة فهو لو مسّ الثوب ينقض الوضوء ويستوجب تطهيره ، فما هو حكم الشرع لو استعمل للمداواة ؟)
هذا ليس صحيحا !
فالنجاسة لا تنقض الوضوء .
ومسّ النجاسة ليس من نواقض الوضوء
والراجح أن بول ما يُؤكَل لحمه طاهر
ويجوز استعمال أبوال الإبل في الدواء إذا خُلِطَتْ بألبانها .
والله تعالى أعلم .
المصدر شبكة مشكاة الإسلامية
..
|