( 2 )
وإذا نظرنا إلى أحوالنا تجاه تلك الدعوات المتضاربة ؛ فسنجد انحرافات خطيرة في مصدر التلقي ! وضعفاً ظاهرا في تمييز دعاة الحقِّ عن غيرهم . حتى أصبحت عقول الكثير منا نهبا لكل لصٍّ – سارق لمهمة العلماء الربانيين ، متسلط على عقول العالمين – وتحقق في الكثير منا قول الإمام البربهاري – رحمه الله تعالى - :
« .. الهمج الرعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح » .
قال أحد الكتاب الناصحين : « هل حلَّ بالناس ما حلَّ من انحراف بعض الشباب في معتقده ، وظهور بوادر الفتن ، وتجرؤ الصغار على كبار الأئمة ، وعلماء الدعوة وخروجهم عن طريقتهم – المستقاة من الكتاب والسنة والأثر مع معرفة تامة بمقاصد الشريعة ومواقع المصلحة – إلاَّ لاختلال الميزان الذي يوزن به العلماء ، وارتقاء مَنْ لا علم له في مصافِّ الكبار ؟! » .
وقال الشيخ صالح الفوزان : « والأشخاص الذين ينتسبون إلى الدعوة يجب أن يُنْظَر فيهم : أين درسوا ؟ ومن أين أخذوا العلم ؟ وأين نشؤوا ؟ وما هي عقيدتهم ؟ وتُنظر أعمالهم وآثارهم في الناس ، وماذا أنتجوا من الخير ؟ وماذا ترتب على أعمالهم من الإصلاح ؟ يجب أن تُدرَس أحوالهم قبل أن يُغتَرَّ بأقوالهم ومظاهرهم ، هذا أمر لا بدَّ منه خصوصا في هذا الزمان ، الذي كثر فيه دعاة الفتنة ».
وقال أميرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب – رضي الله عنه - :
« انظروا عمَّن تأخذون هذا العلم ؛ فإنَّما هو الدّين » .
فحين اختلَّ ميزان التمييز بين أهل العلم الراسخين ، وبين غيرهم ؛ فشت الأفكار الدخيلة التي صار بعضُها - عند البعض - أصولا مسلمة ، وقواعد ثابتة ؛ لا يُقبل فيها النقاش ، ولا يجوز الحياد عنها .
ومن هنا كثُر التثريب على من خالف تلك الأصول – الباطلة - من العلماء الربانيين الداعين إلى العلم والحكمة .
فمن لم يُفتِ بما يشتهون فهو « مداهن » من « علماء السلاطين » ! .. وهلم جرا ..
ومن عبّر عن مكنون نفوسهم ، وزيَّن لهم اندفاعهم ، وأكثر من الصراخ والعويل ؛
فهو « المجاهد » « الصادع بقولة الحق » ! .
__________________
[mark=FFFFFF][align=right]قال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله-: «على كلِّ عبدٍ ... أن يكون في أقواله وأفعاله واعتقاداته وأصول دينه وفروعه متابعًا لرسول الله متلقيًّا عنه جميعَ دينِه، وأن يعرِض جميع المقالات والمذاهب على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فما وافقَهُ قبلَهُ، وما خالَفَهُ ردَّه، وما أشكل أمره توقف فيه».
[/center]
[توضيح الكافية الشافيَة]. [/mark]
صفحة ناشر الفصيح
|