بسم الله الرحمن الرحيم
:::: الموقف ::::
جلست بعد العصر أتناول القهوة مع حبيب قلبي والدي الراحل ( أبو عبدالله ) - رحمه الله - قرة عيني و تاج رأسي .. فأخذ يروي لي ما جرى له وهو في صالة انتظار الرجال في أحد المستشفيات يقول :
كنت جالسًا في صالة الانتظار و التلفاز يعمل ، حتى جاءت موسيقى صاخبة ، فقمت و أغلقت التلفاز مباشرة ،
فقام أحد الجالسين و قال : ليييييش تصكه .؟ رد الولد رحمه الله:
ياخي ما تسمع الله يحفظك ...؟! موسيقى ياخي ..!
قال الرجل مع شوية زعل :
طيب و بعدين .؟
رد الوالد :
الله يهديك الموسيقى حرام ..
قال الرجال : طيب و السلام الملكي تقول إنه حرام ..؟ <== و هذه محاولة إحراج للوالد أمام الناس ، و جر النقاش إلى موضوع آخر ..(
و هذا محور حديثنا )
طبعًا رد أبوي رحمة الله عليه بهدوء كعادته : [ لا ] إذا جاء السلام الملكي نشغله إن شاء الله .. 
فرجع هذا الرجل و جلس ..
::: الفائدة :::
كثيراً ما نتكلم في أمر محدد ، ثم يأتي من يُناقشنا في أمور فرعية ليست من صُلب فكرتنا ، و هنا يجب أن يكون صاحب الفكرة نبيها كي لا ينجرف إلى نقاشٍ عقيم ، و يفتح أكثر من نافذة جديدة ، لتذهب فكرته أدراج الرياح .
كان شيخنا الدكتور يوسف الأحمد يحدثنا عن قصته مع أحد أهل الصحافة ، و كانا يتناقشان في محور المخالفات الشرعية في الصحف المحلية التي تُظهر وجه المرأة سافراً متبرجًا ، فلما بدأ معه بالنقاش عن هذه الصور التي في الصحف ، و التي خرجت فيها المرأة بكامل زينتها ، و أخرجت شيئا من صدرها أو نحرها ، و كانت مكشوفة الرأس تماماً ، و بكامل زينتها ..
قال هذا الرجل الصحفي : و لكن هناك خلاف بين أهل العلم في جواز كشف وجه المرأة ( في محاولة خروجٍ عن أصل الموضوع ) ، فقال الشيخ يوسف الأحمد : دعنا من هذا الخلاف و قلي : هل هناك من قال من أهل العلم بجواز خروج المرأة كاشفة الرأس ، مُظهرة النحر ، في كامل زينتها ..؟! و هذا هو الذي يخرج في الإعلام ، حتى أذكر أن الشيخ قال بالعامية ( تلعب على نفسك .. و لا تلعب عليّ ) ..!
هذه الطريقة ، وهي إخراج الخصم عن لب الموضوع ، ليست بالجديدة ، فقد قام بها أهل الكفر من قبل ، حيث كانوا يرمون أصحاب الرسالات بالسفه و الجنون و الكهانة و الشعر إلى غير ذلك من الأوصاف ، من أجل أن تُترك قضية التوحيد ، و ينصرف الأنبياء إلى مهاترات على حساب دعوتهم ، و لكن أنبياء الله تعالى فطنوا هذا الأمر ، و لم يجروا النقاش إلى هذه القضايا الفرعية ، بل كان التركيز كله منصب على الأساس الذي بُعثوا من أجله .
هكذا ينبغي أن نكون ، فنحن أصحاب فكر ، يجب ألا يجرنا أعداؤنا إلى معارك جانبية تُعيق مشاريعنا ، و تؤخر إنتاجنا ، فهذه صوارف تؤدي بالإنسان إلى الفشل ، و ماهي إلا محاولات لعرقلة عجلة الدعوة و الفكر و الحضارة بعصيّ مغرضة من هنا و هناك .
::: أخيراً :::
هنا في المنتديات ، كثيراً ما نكتب مقالات ، ثم تخرج كلمة في أحد الردود من هنا و هناك ، فانتبه أن تقتل هذه الكلمات موضوعك ، و إن رأيت أنها تنحرف به عن مساره فلاتقف عندها كثيراً ، و دع الأخوة القراء يستمتعوا بمزيد من الإضافات التي تنصب في صالح الموضوع ، بدلاً من الانحراف عن فكرتك و تحولها إلى ساحة معركة لا فكرة من ورائها و إنما مجرد هذيانٍ و صراخ ، لا يبني فكراً و لا ينفع عقلاً .
شكراً لكم
أخوكم / عبدالله .