[الـصـمـصـام]

بسم الله الرحمن الرحيم

لما اشتريت سيارتي الأخيرة لم أتمتع بالبوري سوى أيام حتى تعطل فأصبح صامتًا لا ينطق ، و لم يعد لي إلا استخدام ( التكبيس ) للتنبيه ، صحيحٌ أنه في بعض الأحيان يمر بالإنسان موقف يجعله يضرب على مقدود السيارة بكل قوة و غضب و بكلتا يديه ، فيصرخ هذا المنبه في وجه من أمامه حتى يُزعجه .

أما أنا فكنت أضرب بالمقود و لكن لا مجيب ، فيتضاعف الغضب عندي أكثر مما كان .. ظللت على هذه الحال من دون منبه لمدة ثلاث سنوات بالتمام و الكمال ، لا لشيء سوى أنني مُسوّف أحب تأجيل عمل اليوم إلى الغد ، و هذه صفة من صفاتي السيئة ( أنقذني الله و إياكم منها ) ..!

مرة السنة الأولى بصعوبة ، و بين كل حين و حين أعزم على إصلاح العطل الذي منعني من التنبيه و إزعاج الناس لحظة الغضب ، و لكن بعد ذلك تبلد الإحساس ، و بفضل هذا العطل اكتسبت مهارة كظم الغيظ أثناء قيادة السيارة ، و في حياتي بشكل عام ، حتى انتهى عامان و أنا لا أذكر أنني قررت فيهما إصلاح ( البوري ) لأني لم أرى تلك الضرورة التي تستدعي ذلك <=== ما تلاحظون مرة أقول بوري .. و مرة أقول منبه .. أحب التنويع .

في العام الماضي أخذ سيارتي أحد الزملاء و جلست معه أسابيع ، و من ثاني يوم اتصل بي يقول : شلون أنت عايش بدون بوري ..! قلت والله مدري صاحبنا صلح البوري طبعًا لم يصبر والآن البوري كويس تمام التمام ( بس مزكوم شوي ) .. و لكن قليلاً ما أحتاجه لأنه قد ترسخ عندي عدم جدواهـ في اللاواعي ، و جل اهتمامي في ( التكبيس ) حتى أصبحت الأنوار هي الأكثر عُطلاً في سيارتي ..

أعتقد أن هذا الأمر قد وظف شخصيتي توظيفًا إيجابيًا ، حيث استفدت منه في السيطرة على نفسي أثناء القيادة ، و الابتعاد عن السب و الشتائم التي لا يمتنع عنها كثيرٌ من الناس .. في حياتنا مواقف نستاء منها ، و نحن لا نعلم أنها تصقل شخصياتنا ، و تساهم في صنع ذواتنا ، كما أننا نعرف أن هناك أشياء يُمكن الاستغناء عنها و نحن مُفرطون في استخدامها ( كالبوري يعني ) .. و عسى أن تكرهوا شيئًا و يجعل الله فيه خيراً كثيراً ...

شكراً لكم على تحمل خربوشاتي ..


أخوكم / عبدالله