مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 05-12-2003, 09:28 PM   #3
ناصرالكاتب
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 377
(( 2 ))

وقد بلغنا عنكم نحوٌ من هذا، وخضتم في مسائلَ من هذا الباب كالكلام في الموالاة والمعادة، والمصالحة والمكاتبات، وبذل الأموال والهدايا، ونحوِ ذلك من مقالةِ أهلِ الشرك بالله والضلالات، والحكم بغير ما انزل الله عند البوادي ونحوهم من الجفاة، لا يتكلّم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب، ومن رزق الفهم عن الله وأوتي الحكمة وفصل الخطاب.
والكلام في هذا يتوقف على معرفةِ ما قدمناه، ومعرفة أصولٍ عامة، كليّة، لا يجوز الكلام في هذا الباب - وفى غيره - لمن جهلها و أعرضَ عنها وعن تفاصيلها. فإن الإجمال، والإطلاق، وعدم العلم بمعرفة مواقع الخطاب، وتفاصيله، يحصل به من اللبس، والخطأ، وعدم الفقه عن الله، ما يفسد الأديان، ويشتت الأذهان، ويحول بينها، وبين فهم السنة والقرآن؛ قال : ابن القيم في كافيته - رحمه الله تعالى - :
فعـليك بالتفصيـل والتبيين فالـ إطلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ أذهان والآراء كل زمان
وأما : التكفير بهذه الأمور، التي ظننتموها، من مكفرات أهل الإسلام فهذا : مذهب الحرورية المارقين الخارجين على علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ومن معه من الصحابة؛ فإنهم أنكروا عليه تحكيم أبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، في الفتنة التي وقعت بينه وبين معاوية، وأهل الشام؛ فأنكرت الخوارجُ عليه ذلك، وهم في الأصل من أصحابه، من قراء الكوفة والبصرة، وقالوا: حكّمت الرجال في دين الله، وواليت معاوية وعمراً، وتوليتهما، وقد قال الله تعالى : ( إن الحكم إلا لله) [يوسف:40] وضربت المدة بينك وبينهم، وقد قطع الله هذه الموادعة والمهادنة، منذ أُنزِلت «براءة».

وطال بينهما النزاع والخصام، حتى أغاروا على سَرْحِ المسلمين، وقتلوا من ظفروا به من أصحاب علي.
فحينئذ شَمّرَ – رضي الله عنه - لقتالهم، وقَتَلَهُم دون النّهْرَوان، بعد الأعذار والإنذار، والتَمَسَ الـمُخدَّجَ المنعوتَ في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره من أهل السنن، فوجده علي، فسُرَّ بذلك، وسجد لله شكراً على توفيقه، وقال: لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا لهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، لنكلوا عن العمل. هذا وهم أكثر الناس عبادة وصلاة وصوماً.

__________________
[mark=FFFFFF][align=right]قال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله-: «على كلِّ عبدٍ ... أن يكون في أقواله وأفعاله واعتقاداته وأصول دينه وفروعه متابعًا لرسول الله متلقيًّا عنه جميعَ دينِه، وأن يعرِض جميع المقالات والمذاهب على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فما وافقَهُ قبلَهُ، وما خالَفَهُ ردَّه، وما أشكل أمره توقف فيه».
[/center]
[توضيح الكافية الشافيَة].
[/mark]
صفحة ناشر الفصيح
ناصرالكاتب غير متصل