مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 03-10-2009, 08:39 AM   #3
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أما بعد ,,
فإخوتي في الله .
شدني هذا الحوار الجميل , وأنا أؤيد كلام أخي الواقعي في أن تفسير المغامسي وفاقا لتفسير السعدي تفسير ضعيف لا يتناسب مع سياق الآيات , ولا مع موقف لوط عليه السلام .
ولا شك أن قول جماهير المفسرين بأنه أراد بناته للزواج ظاهر الرحجان بدلالة قوله ( أطهر ) , والسفاح لا يكون طهراً أبدا .

أما توجيه اشيخ السعدي - رحمه الله - بأنه أراد مدافعة القوم لعلمهم أنهم لن يفعلوا , وتنظيره بقصة سليمان مع المرأتين فهو ضعيف في نظري , والديلي على ذلك سياق القصة والموقف , ولنقرأ الآيات من أولها لنرى كيف يكون مراد لوط عليه السلام .
قال تعالى : {وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } {قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} {قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} (81) سورة هود
فنرى أن القوم لما جاؤوا لوطاً كانوا عازمين على فعل الفاحشة , فرأى لوط أن يهادنهم وأن يبدأ معهم في اللين لعلهم أن يتراجعوا عن شناعتهم أو ينقلبوا إلى ما هو أفضل فقال بصيغة النبي الرحيم بهم : يا قومِ , ثم أشار إلى بناته عارضاً لهم الزواج بهن مدعوما بالعلة القاطعة ( هن أطهر لكم )
ثم أمرهم بتقوى الله تعالى , وهل من تقوى الله أن يأخذوا بناته للزنا بدلا من ضيوفه ؟
ثم ختم مترجيا لهم : أليس منكم رجل رشيد يعرف الصواب من الخطأ فيسلك مسلك الطهر والعفاف ؟
وهل كان لوط سيبحث عن رجل رشيد لو كان يريد أن يعرض بناته للزواج وغير الزواج ؟
فلما رأى أنهم مصرون على غيهم قال: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد .
والجملة الأخيرة تدل على أن لوطاً عليه السلام كان سيرضى لو قبل قومه بالزواج , لأنه ليس له قوة فيهم , ولم يكن عرض بناته لأجل العرض فقط , بخلاف سليمان الذي طلب السكين , لأن سليمان لن يقتل الصبي حتى لو وافقت المرأتان ؟
إذن فلوط عليه السلام بدأ بالأمر الطاهر والعفيف لكي يبعد هؤلاء عن ضيوفه لعل وعسى أن يقبلوا بالزواج منهن .
ويدل على ذلك قولهم : مالنا في بناتك من حق , وهل كان السفاح من الحق ؟

ثم من جهة أخرى ؟
لو عرضنا الأمر بالقياس :
رجل لديه ضيوف رجال , وقومه يريدون فعل الفاحشة بهم , ولوط لديه بنات ضعيفات مسكينات في البيت , فهل كان لوط سيدفع ببناته سفاحاً لهؤلاء القوم , ويصرفهم عن الرجال الذين قد يدافعون عن أنفسهم , لأن الرجال لهم بأسهم وقوتهم , وليسوا مثل النساء .


إذن فلوط - عليه السلام - لم يبحث عن أخف الضررين ( إما اللواط وإما الزنا ) فاختار الزنا على اللواط بضيوفه ؟
حاشا لوط أن يفكر بذلك مجرد تفكير فضلا عن أن يقوله , ولو كان لمجرد العرض .

هذا ما لدي فإن أصبتُ فمن الله تعالى , وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .

وليعلم الجميع أن هذا ليس قدحا في الشيخ المغامسي وفقه الله وحفظه , ولا في الشيخ السعدي رحمه الله تعالى , ولكن كل يؤخذ من قوله ويرد إلا محمداً صلى الله عليه وسلم .
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل