للشريعة مقاصد سامية وأخلاق عالية تُقدم في أوامرها درء المفاسد على جلب المصالح وكُل ما يندرج تحت خطوات الشيطان ، فنهى الله عن الشيطان وقبل كل ذلك خطواته ونزواته ، إذ أن الأولى تُسقط الإنسان في شباكه وهذا قياس لكل من استصغر وهوّن بعض المُنكرات بأن يُطبقه على صغير القوم في بداية الأمر ويتحاهل عن كبيره ، وجاء في تفسير ابن كثير رحمه الله للآية { أَوْ الطِّفْل الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَات النِّسَاء } أي من صفتهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن من كلامهن الرخيم وتعطفهن في المشية وحركاتهن وسكناتهن فإذا كان الطفل صغيراً لا يفهم ذلك فلا بأس في دخوله على النساء وقال رحمه الله " فإذا كان مراهقاً أو قريباً منه بحيث يعرف ويدريه ويفرق بين الحسناء والشوهاء فلا يمكن من الدخول على النساء ، والله سبحانه وتعالى قال : { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً } هذا أبلغ من قوله ولا تفعلوا فالنهي عن قربان الزنا أي الابتعاد عن كل ما يؤدي للوقوع في الفاحشة ، ولو كان في أصله ليس بفاحشة ، فلشدة خطر الفتنة وسرعة الوقوع في الفاحشة وخطورة الوقوع في الزنا حرم الاقتراب من كل ما يؤدي إليه.
و الشريعة لم تُبنى على أهل أراء أهل الأهواء والشهوات ، بل أُولي العقول والأبصار ، فما كان كلامهم لغرض في أنفسهم بل لقوة إيمان وحفاظ على شرف أبناء مُحمد وغيرتهم ، وبناء الفضيلة من أُسس الصِّغر لتبقى محفورة في قلوب البشر عند كِبرهم .
قال عبد العزيز بن عبد الرحمن طيب الله ثراه [ وأقبح ما هناك في الأخلاق ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء بدعوى تهذيبهن وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها ، حتى نبذن وظائفهن الأساسية ، من تدبير المنزل وتربية الأطفال ، وتوجيه الناشئة التي هي فلذة أكبادهن وأمل المستقبل إلى ما فيه حب الدين والوطن ومكارم الأخلاق ونسين واجباتهن الخلقية من حب العائلة التي عليها قوام الأمم وبدال ذلك بالتبرج والخلاعة لا والله ليس هذا من التمدن في شرعنا وعرفنا وعاداتنا ولا يرضى أحد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ومروءة أن يرى زوجته أو أحداً من عائلته أو المنتسبين إليه في هذا الموقف المخزي ]
إن كان الإختلاط في الجامعات والصفوف الأولية فماذا بقي للصفوف الأخرى ؟!
ومن همّش قول العلماء وإنكارهم ضد الإختلاط في الأماكن الأخرى فقد كذب على عُلماء الأمة ، فتحية للشرفاء وأهل الغيرة ، والطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات .