30-10-2009, 03:25 AM
|
#12
|
عـضـو
تاريخ التسجيل: Oct 2004
البلد: عَ ـــابرٌ إِلَى الجَنة
المشاركات: 6,346
|
،،،

كُنتُ أسيرُ يَوْمَاً مَا وَالأجواءُ مَاطِرَةْ ، لَمِحْتُ ذَاكَ الجَسَد مَجْهولَ الهَويَّةِ يَسيرُ تَارَةً وَتَارَةً يَسْتَظِلُ عَنْ المَطَرَ تَحْتَ أسْقُفِ المَحَلاتِ الخَارِجيَّة ..
أمْسَكْتُ بِيَدِهِـِ وَظَلَّلْتُهُ مَعيَ كَيْ يَكونُ بِجَانبيْ حَتى يَصِلُ إلى مَنْزلِهِ ، غَيْرَ أنَّهُ غَيَّرَ وِجْهتَهُ ، كَيْ يُفَارِقُنيْ وَيَذْهَبَ لِوَحْدِهـِ ..
دَعَوْتُهُ لِكُوبِ قَهْوَةٍ فَقَدَّمَ ليِ اعْتِذَارَهـُ ، غَيْرَ أنَّ إلْحَاحيَ حَجَّرَ عَليهِ نَفْسُه ..!!
كَانَ يَسيرُ مَعيَ وَكأنَّ خُطواتُهُ مُتَثَاقِلة ، أيْقَنْتُ أنَّهُ لا يَعْرِفُ أَحَدَاً مِنْ هَذهـِ البَشَريَّةْ ..
صَمْتٌ مُطْبِقٌ رَهيبٌ ، وَوُجوهـٌ مُتَقَابِلَة ، حَاوَلْتُ أَنْ أبدَأَ مَعَهُ بِالكَلامِ فَسَبَقَنيْ بِطَرْحِ الأسْئِلَة !!
مَنْ أنْتَ وَمَنْ تَكَونُ ، وَمَاذَا تُريُدُ وَلَمِ تَعيشُ هُنَا وَحِيْد !!
كَأنَّهُ أَزَاحَ عَنْ لِسَانيَ حَجَرَاً تَعَثَّرَ بِهِ ، صَبَبْتُ لَهُ كُوبَ قَهْوَةٍ وَقُلْتُ لَهُ ، كَمَا أنيَّ مَلئْتُ هَذا الكَأس فَقَدْ مَلَئَتِ الحَيَاةُ قَلبِيْ ، أَنَا بَشَرٌ وَحيدٌ في عَالَمٍ كَالوُحوش ، وَطِفْلٌ غَريبٌ مِنْ بَيْنِ أقْوامٍ عَجَزَة ..!
أبْحَثُ عَنْ بَشَرٍ يَعيشُ في هَذا العَالَمْ ، فَتَحْتُ كُلِّ جُزْءٍ تَحْتَ التُّرَابِ وَوُرِيَتْ قُلوبٌ وَأجْسَادْ .. وَحْدِيَ هُنَا لأنَّ المَرْكَبَ تَاهـَ عَنْ مَرْسَاهـُ فَرَمَتْني هُنَا أَمْوَاجُ دُنيَاً لا تَرْحَمْ ..!
بَدَأَ يَعْبَثُ بِيَديَهِ ثُمَّ قَاَلْ : رُبَّمَا أنَّيَ وَإيَّاكَ فِيْ الحَيَاةِ عَلى مُعَادَلَةٍ وَاحِدَةْ !!
الطُّيورُ لا تَقَعُ عَلى بَعْضِهَا إلا إذا كَانَتْ مُتَشَابِهَة ، أُكْرِهْتُ في النَّاسِ وَكَرِهْتُ حَيَاتَهُمْ ، وَدُنيْاَ فَتَحَتْ أحْضَانهَا لَهُمْ ، مَازِلْتُ أعيشُ في ضَوضَاءٍ دَاخِلَ أرْحَامِ الهُدوء ، وَأسْمَعُ أَصْواتَ ذِئَابٍ جَائِعَةٍ مِنْ بَنيْ البَشَرْ ، إِنْ لَمْ نَتَوَارَى عَنْهَا لَنْ تُبْقِيَ فينَا شَيئَاً وَلَنْ تَذَرْ .!!
وَجْهٌ فِيْ القَمَرِ ، وَعيُونٌ مِنْ لُؤلُؤَتَانِ ،وَأنْف مِنْ طَيْفٍ فيِ وَقتِ المَطَرْ ، وَقَلْب كَغُرْفَةٍ صَغيرَةٍ مُظْلِمَةٍ ، لا تَرَى النُّورَ سِوى مِنْ أثَرٍ ضَيِّقٍ لتِحَطُّمِ سَقْفُهَا ..!!
دَعْنَا نَخْرُجُ في نُزْهَة ، قَالَهَا بَعْدَ تَنْهيدَةٍ مُحْرِقَة ،يَسيرُ في الطَّريقِ ولا كَأنَّ أحَدٍ مَعَهُ وَبِجَوَارِهـِ ، سَوى أنَّهُ يَحكيْ مِنْ غَيْرِ إلتِفَاتَة .
وَصِلْنَا شَاطِئُ المَدنيَة ، وَهُوَ يَحكيْ عَنِ حَيَاتِهِ وَمأسَاته ، فِيْهَا وَفيهَا وَكُلُّ مَا فيهَا أذْبَلَ قَلبَهْ وَ أحْزَنَه .!!
قَال : أترَى هذا المَرْكَبَ في هَذا البَحْرِ .. أَتَأمَنَهُ .!!
قُلتُ : لا ، فَهوَ مَنْ رمَانيْ هُنَا بِلا سَابِقِ عِلْمٍ ولا مَعْرِفَة ..
الدُّنيَا كَبَيْتٍ خَرِبٍ شَوَّهَتِ الحَيَاةُ مَعَالِمُهُ ، وَابْنُ آدَمَ فِيْهَا كَمَنْ يَسيرُ خَلْفَ سَرَابٍ خُبِّئَ عَنْهُ حَقيقَتُه ..
الحُبُّ فيْ حَيَاتيَ حِذَاءٌ تَمَزَّقَ لَمَّا انْتَعَلْتُه ، كُلُّ قَلْبٍ أَحْبَبْتُهُ تَرَكَنيْ هُنَا مُخَلِّفَاً ليْ ذِكريَاتهُ وَأغْرَاضَهُ .. ونَحْنُ في رِحْلَةٍ شَاقَّةٍ مَهْمَا كَانَتِ المَسَافاَتُ طَويلَة ، وَآخِرُ مَرْسَى لَنَا سَيَكُونُ في الدَّارِ الآخِرَةْ ..
يَتْبَعُ إنْ شَاءَ اللهُ وَيَسَّرْ
__________________
إِنَّ دَمْعيْ يَحْتَضر ، وَ قَلبيْ يَنْتَظِرْ ، يَا شَاطِئَ العُمرِ اقْتَرِبْ ، فَمَا زِلْتَ بَعيدٌ بَعيدْ
رُفِعتْ الأشْرِعَة ، وَبدتْ الوُجوهـُ شَاحِبَةْ ، وَدَاعَاً لِكُلِّ قَلبٍ أحببنيْ وَأحبَبْتُهُ ..!!
يَقول الله سُبحَانَهُ [اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ]!!
يَا رَب إِنْ ضَاقَتْ بِيَ الأرجَاءُ فـ خُذْ بِيَديْ ..!
|
|
|