مدخلٌ روحاني : { في الحديث المرفوع قوله -صلى الله عليه وسلم ~ لعمر بن أبي سلمة ~ رضي الله عنه ~ وكان غلاماً في حِجرهـ ، وكانت يدهـ تطيش في الصَّحْفَةِ : (
يَا غُلاَمُ ، سَمِّ اللَّهَ ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ ) متفق عليه }
إطلالةٌ مختصرهـ : /
إن الحوار في تعدد أسالبية وطرقه , يكمن في الإقناع والأخذ والعطاء , وترسيخ المفاهيم الطيبة لدى الأبناء والأسرهـ , طالما المربين يستشعرون حجم المسؤولية العظيمة , التي تلقي على عاتقهم ,
النافذة الأولى :
إن الحوار في مشكلةٍ معينة أو قضية طرحت لدى الطرفين , يستشعر عظمها وحجمها الإبن , من حيث تسليط الضوء عليها بكل عفويتها , دون الحاجة للرموز والتعجيز , إنهم بحاجةٍ ماسة للحوار الذي يجعل في أروقة حياتة أجوبةً شافية متكامله , ولا يبحث عن الجواب من مصدرٍ قد يسيء الإجابه .
الحوار يضع إستقلاليةً تامة في الشخصية , وبناء الثقة للطرف الآخر , من حيث إيجابية التربية والتقبل , وبناء الذات , وغرس الثقة في نفوسهم , وتوليهم مهام يعطيها المربي لهم ليتخذوا منها دروساً ومعرفةً بإتخاذ القرار والشجاعة في الإقدام على خطوات الحياة والقرارات الصعبة , بكل حكمة وتعقل .
النافذة الثانيه :
النهي والزجر في عبارات متعارفٌ عليها في المنزل من مصدر معروف , ترتسخ تلك الكلمة في ذهن الإبن ويتوقع قولها من قبل المتسلط , ولهذا يكون الحاجز أكثر إرتفاعاً في كل مرةٍ تطلق تلك الكلمه !
النافذة الثالثه :
إن المصارحة في الحوار وإعطاء الإبن أو المتلقي قدراً كبيراً في حجمه , ومتابعة قوله وتحركات فضوله , وخروج كلماته وإستشعار أحاسيسه , ورسم الإبتسامة بين الفينة والأخرى , لهي البلسم والروح للإقناع ,
وإدخال مفاهيم السلوك الحسنة بكل سهوله , وتوضيح ما يختلف عليه , والإنتصار في التهذيب .
إعتدال : /
ما أجمل المنظر حينما أجد الأب جالساً يتحاور ويمازحه أبناءهـ ويتجاذب الحديث مع طلابه , ويكسر حاجز الصمت والرهبه , ويلامس جروحهم ومشاعرهم يضع لها قصراً في داخل عالمه .
الضحيه :
إن الفتاة أو الإبن الذي يعاني من تسلط القول والفعل لمن حوله , ليعلم أن ما يعانيه مؤلم , ولكن القوي من يتجاوز تلك المحن , ويأخذ منها ما يستفاد منه , كأن لا يعمل هذا الفعل في مستقبله ومع أبناءهـ , والقوي من يصنع من نفسه رجلاً رغم كل المحن . ويبقى صامداً رغم كل ما جرى له .
الجاني :
إن التجني على الغير من الأسرهـ , لهو جريمةٌ في حق تربية النشيء , أو في النشيء أنفسهم , في التسلط , وفي الزجر والنهي , يخرج لنا جيلاً قاسياً لا يفكر سوى في العنف والجبروت , يسحق كل أخضرٍ ويابس , لا يعرف معنى للرحمة والطيبة والهدوء , فل يكن شعارنا في الحياة أملاً وطيبةً وحسن تعامل .
إن كسر حواجز الشخصية المعتادة على الرسامة والهيبة , إن من شأنها أن تنتج لنا عقولاً وعاية ومتفتحة للواقع أكثر , وللأمل في عيونهم مساحةٌ واسعه , مبنية على الإحترام والتقدير , وبكسر الحواجز يسهل غرس كل شيء بداخل المتلقي , وبه ينكسر الصمت ويسود الكلام المهذب .
اللغة الصعبه :
إن من شأن التعنيف والزجر , يخرج لنا جيلاً يهوى العنف والصراع , ويهوى القساوة وبها يطوي معه سجل الرفق كما طواه والده من حياته , ولذا نجد أن ينتهج هذا الإسلوب له تجربةٌ مريرة تجعله يعتاد على هذهـ الأفعال , كيف لا .. وهو يعيش في طفولته ويلات العذاب وأصوات العصبية والشتائم , وكفى بنفسي لأقول عاذراً له ولصب العدوان في دم الطفل .
ولك أن تتخيل هذا الطفل والشاب .. أن أرتوى بسكب العنف في دمه , وبه ينتهج منهجه وطريقه , دون أن ينهى وينبه , ودون توعية تلاحقه في عمرهـ , فالدور يكون للمجتمع بكامله , ولهذا تكون النتائج قاسيه .
مثالٌ مختصر :
رجلٌ أعرفه .. دوماً أرقبه يحاور أولاده الصغار , وحتى طفلته الصغيرة لا تفهم شيئاً سوى تمتمات من حروف , ويتجاذب مع أطفاله الصغار حوارا وتساؤلات , ويعطيهم أجوبةً شافية ومقنعةً على حد عقولهم , ولهذا مرة السنين طوال .. فأرى أبنه بفضلٍ من الله , حينما يحادثك كأنه رجلٌ , وذهنه متفتح وكلامه لا ينطق به إلا من هو أكبر منه سناً , وتجد إحترامه لك عظيماً . ومثل هؤلاء نريدهم مربين .
القسوة لا تولد إلا قسوة وعصيان , وبها ينبذ المجتمع هذا الصنف , دون أن يكون له دور بالوعي , فأتخذنا نبذهم في مجالسنا , بعد إرتشافهم مرارة القسوة وتعلموها .
التسلط ليست قوة , بقدر ما تكون سمةً سلبيةً غير مجديه , يراها البعض مفيدة للتربية , ولهذا أخترع المربي أيسر الطرق وهو الزجر والتسلط فقط . فالأب يتسلط على أبناءهـ وفي غيابه يتسلط الشاب على أهله .. وهكذا تدور المسألة , وفتقد المنزل للغة الحوار والعيش بسلام .
مخرج :
تبقى أن هذهـ الصفة , من نتائجها تكون تربيةً غير سليمه , ولهذا نناشد أن نضع أيدينا جميعاً , لوقف هذا العنف والتسلط ونشر الوعي والحكمة بين أوساط مجتمعنا , فمنكم , ومن عقولكم , وكتاباتكم ننهل من بحر العطاء والتفهم والثقافهة, وبه نخرج جيلاً يعشق للتفهم , ويتقبل النقد بكل محبة ورضاء ,
الحديث يطول .. أختصرته كي يأخذ أكبر مساحةً لكم في بوحكم وإضافاتكم , وطرح المشكلات والتحاور .
شكر : ~
( أبو معاذ والبراء ) .. للجهود والمحبة والصفاء والنقاء , في قلوبنا زرعت الوداد والتسامح فلك التقدير مني .