الموضوع: حكم المنطق
مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 30-01-2004, 01:28 AM   #2
ناصرالكاتب
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 377
(( 2 ))

ذكرُ النّص الذي ورد عن الإمام الشافعي

في ذلك قال أبو الحسن بن مهدي : حدثنا محمد بن هارون ثنا هميم بن همام ثنا حرملة قال : سمعتُ الشافعي يقول : «ما جهلَ الناسُ ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب وميلهم إلى لسان أرسطاطاليس». أورد هذا النص من هذا الطريق قاضي المسلمين الحافظ عز الدين عبد العزيز بن قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة في تذكرته.
وأشار الشافعيُّ بذلك إلى ما حدث في زمن المأمون من القول بخلق القرآن ونفي الرؤية وغير ذلك من البدع وأنَّ سببها الجهلُ بالعربيَّة والبلاغة الموضوعة فيها من المعاني والبيان والبديع الجامع لجميع ذلك قوله «لسان العرب» الجاري عليه نصوص القرآن والسنة وتخريج ما ورد على لسان يونان ومنطق أرسطاطاليس الذي هو في حيِّزٍ، ولسانُ العرب في حيِّز. ولم ينزل القرآن ولا أتت السنة إلا على مصطلح العرب ومذاهبهم في المحاورة والتخاطب والاحتجاج والاستدلال لا على مصطلح يونان.
ولكل قوم لغةٌ واصطلاح. وقد قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: من الآية4]. فمن عدل عن لسان الشرع إلى لسان غيره وخرّج الوارد من نصوص الشرع عليه؛ جهِل وضلَّ ولم يصِب القصد.

ولهذا نرى كثيراً من أهل المنطق إذا تكلَّم في مسألة فقهيّة وأراد تخريجها على قواعد علمه أخطأ ولم يُصِب ما قالته الفقها ولا جرى على قواعدهم.

وقد علِم الناس ما كان يقع بين شيخنا المذكور في الخطبة [يعني الكافيجي ت: 879هـ] وبين فقهاء الحنفيَّة من كثرة التنازع والاختلاف في الفتاوى الفقهيّة، ونسبتهم إياه إلى أنها غير جارية على قوانين الفقه، وما ذاك إلا لكونه كان يخرجها على قواعد الاستدلال المنطقي. وللشريعة قواعد أخرى لا يخرج الفقه إلا عليها. فمن تركها وخرج على غيرها لم يدرك غرض الفقه، والشيخ رحمه الله، أستاذي ونعله تاج رأسي، ولكن هذا هو الحقُّ الذي لا بد منه. وقد أراد مني مرات أن أوافقه في فتاوى تتعلق بالأوقاف، ولم أوافقه على شيء منها. والغرض بهذا الكلام شرح قول الشافعي رضي الله عنه وأنه من أراد تخريج القرآن والسنة والشريعة على مقتضى قواعد المنطق لم يصب غرض الشرع ألبتة؛ فإن كان في الفروع نُسِب إلى الخطأ، وإن كان في الأصول نُسِب إلى البدعة. وهذا أعظم دليل على تحريم هذا الفن فإنه سبب للإحداث والابتداع ومخالفة السنة ومخالفة غرض الشارع وكفى بهذا دليلا وهو مستنبطٌ من كلام الشافعي رضي الله عنه. ونظيره تحريم النظر في متشابه القرآن خوف الزيغ والفتنة. أخرج الشيخان وغيرهما عن عائشة قالت : تلا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ..} إلى قوله: {.. أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران:7] قال: «فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم». وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال: أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا، وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله وما يعلم تأويلَه إلا الله».
__________________
[mark=FFFFFF][align=right]قال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله-: «على كلِّ عبدٍ ... أن يكون في أقواله وأفعاله واعتقاداته وأصول دينه وفروعه متابعًا لرسول الله متلقيًّا عنه جميعَ دينِه، وأن يعرِض جميع المقالات والمذاهب على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فما وافقَهُ قبلَهُ، وما خالَفَهُ ردَّه، وما أشكل أمره توقف فيه».
[/center]
[توضيح الكافية الشافيَة].
[/mark]
صفحة ناشر الفصيح
ناصرالكاتب غير متصل