هذا ردي من الصحافه التي استدليت بها
تفضل ....
بل هي عين المجتمع لا مطية الكذب يا فضيلة الشيخ
أقسى هجوم على الصحافة مر علي منذ أصبحت متابعاً لها ذلك الهجوم القاسي الذي شنه عليها منذ يومين أحد أصحاب الفضيلة المشايخ الكبار قدراً وسناً ومركزاً فقد قال عنها إنها "مطية الكذب"، وقد اطلعت على ذلك الهجوم ضمن تلك الحملات المتبادلة بين بعض تيارات المجتمع إثر ما حصل في مدرسة البنات في مكة وما أعقب ذلك من اتهامات وجهتها الصحافة من خلال أقوال شهود عيان نقلتها ومن خلال آراء لكتاب تحدثوا عن الحدث فيها، ولأن تلك الاتهامات قد مست رئاسة تعليم البنات والدفاع المدني وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد بادر بعضهم بمواجهة تلك الاتهامات بأقوال مضادة تمثلت أيضاً في أقوال شهود عيان وآراء كتاب نشرتها الصحف نفسها، وكان من أبرز تلك الأقوال المضادة ذلك الرأي الذي كتبه أحد أصحاب الفضيلة الكبار مهاجماً فيه الصحافة بكلام ينتقص من قدرها ويستهين بوظائفها وأهدافها ويزعزع ثقة الناس فيها فقد قال كما أوضحت سابقاً إنها مطية الكذب وأضاف القول إنه لا يُؤخَذ بها بحجة أن أي اتهام لا بد من أن يثبت شرعاً، ودعا الجميع إلى عدم الأخذ بكلام الجرائد، وأراد أن يدلل على ذلك فقال: إن الجميع يقول... كلام جرايد... أي إنها ـ كما يقول ـ غير مصدقة.
وأود أن أقول لفضيلته إن الصحافة ابتكرتها المجتمعات وفقاً لحاجتها لعدة أغراض من أهمها أن تكون عيناً لها في أماكن الأحداث لتنقل لها وبسرعة ما يحدث إما اعتمادا ًعلى مشاهدة مراسلها أو على شهود العيان، ولكي تنقل لها بعد ذلك آراء المهتمين والمتابعين من أصحاب الرأي وتحليلاتهم لكل ما حدث، وليس المطلوب منها أن تنصب محكمة في مكان الحادث أو تعرض أقوال الناس على القضاة في المحاكم لتتأكد من صحتها وسلامتها قبل النشر، فالمطلوب منها أن تتأكد من أن ما تنقله من أحداث هي ما رآه مراسلها أو ما قاله شاهد العيان، وتتأكد أيضاً من أن ما تنقله من آراء وتحليلات وأفكار هي صادرة من أصحاب تلك الآراء وكل ذلك طبعاً في إطار الموضوعية واللباقة والأصول العامة بحيث تتجنب المهاترات والشتائم والألفاظ الجارحة.
إن الصحافة يا فضيلة الشيخ ابتكرها المجتمع لتكون عيناً ثالثة تماماً كما ابتكرت السياسة أجهزة المباحث والاستخبارات مع الفارق الكبير طبعاً، ولأن الصحافة في خدمة المجتمع بكل فئاته فالمفروض أن تفتح صفحاتها للجميع، وتنقل أقوال الجميع وآراء الجميع، ولأنها كذلك فقد جرى العرف أن الرد على ما يرد في الصحافة يكون بأقوال مضادة تنشر فيها، ولأن الأمر كذلك فإنه في مقابل تلك الأقوال والآراء التي تحمل اتهامات لرئاسة تعليم البنات والدفاع المدني وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رأينا أقوالاً أخرى نشرت في تلك الصحافة تختلف في منطلقاتها وتتناقض مع الأقوال الأخرى، وهذا أمر طبيعي، فالصحافة وعاء يجمع الأخبار والأقوال والآراء ويقدمها للناس، ويقوم هؤلاء الناس (ممثَّلين في السلطة) بعرض ما يرد في الصحافة على أجهزة الفحص إذا تطلب الأمر ذلك. بحيث لا يتخذ أي إجراء عقابي أو غير عقابي بناء على ما ورد في الصحف إلا بعد أن يتم فحصه والتأكد من صحته.
فضيلة الشيخ يقول في هجومه على الصحافة: إن الاتهامات التي توجهها الصحف تقتضي الإثبات الشرعي، وهذا صحيح، ولا أعتقد أن أحداً قال أو يمكن أن يقول إن ما تنقله الصحف ينبغي أن يكون مسلمات أو أدلة نهائية على الإدانة، فالصحف إنما ترسم فقط علامات استفهام وتقدم لأجهزة المجتمع المسؤولة عن مجابهة السلبيات ومكافحة الجرائم المادة الخام التي لا بد من أن تشتمل على الغث والسمين والخطأ والصواب، ويأتي بعد ذلك واجب تلك الأجهزة لتتفحص وتتأكد وتعرض كل ذلك على أحكام الشرع، وهذا أحد أدوار الصحافة.
إن الحضارة المعاصرة تتطلب أن يكون للناس عيون كثيرة يبصرون بها ما وراءهم وما هو بعيد عنهم، والصحافة هي أحد ابتكاراتهم التي وجدوا أنها الوسيلة المناسبة لتكون إحدى عيونهم ولم يكن القصد منها العبث أو التسلية أو الإضرار بأحد، بل على العكس فهي وضعت لتكون في خدمة الشأن العام ولترعى مصالح الأمة، ولا أعتقد أن أحداً يمكن أن يقول إنه لا يمكن أن يوجد فيها أوجه تقصير وخلل، بل لا بد من أن يوجد ذلك وهو أمر طبيعي ولهذا فالمفروض أن نتكاتف ونتعاون لمعالجة أوجه التقصير ومواطن الضعف والخلل لا أن نفعل العكس فنسعى لتهميش تلك الوسيلة الحضارية البالغة الأهمية التي لا غنى للمجتمع عنها.
المفروض يا فضيلة الشيخ أن يتعاون أفراد المجتمع كافة بمختلف فئاتهم وتياراتهم لتطوير وسائلهم وأن نتجنب جميعاً أي قول أو فعل يؤدي إلى زعزعة ثقة الناس في تلك الوسائل التي منها الصحافة، ولو افترضنا استحالة خلاص المجتمع من بعض أوجه الشذوذ بحيث يكون وجود بعض الأطراف التي تسعى إلى الإضرار بنفسها عن جهل أمر حتمي فالمفروض أن يكون قادة الأمة وعلماؤها هم الحصون التي تقف في وجه حالات الشذوذ كي لا يكون لها تأثير سلبي ملحوظ، بل إن المفروض من كل إنسان يتوفر لديه أدنى قدر من الوعي بمصالحه ألا ينساق وراء الأقوال والادعاءات التي تؤدي لتهميش الصحافة وتزعزع ثقة الناس فيها وأن يكون على وعي بأهمية دورها ورسالتها.
إن مما أدهشني أن صاحب الفضيلة الذي هاجم الصحافة بهذا القول هو ـ وفق ما أعلم ـ ممن ينشر أكثر أقواله وآرائه عبر الصحافة، وهو من أفضل المتعاونين الذين تستعين بهم الصحافة للقيام بواجباتها وتأدية رسالتها، بل إن ما أدهشني أكثر أن فضيلته من أكثر أصحاب الفضيلة واقعية وتسامحاً وتفهماً للواقع المعاش للناس ولواقع العصر... والمفروض بالتالي أن يكون من أكثر الناس تقديراً لدور الصحافة، وإدراكاً لعظمة دورها وأهمية تعزيز ثقة الناس فيها، ولذلك لا أملك إلا أن أعاتبه بحرارة بالغة راجياً له التوفيق والسداد.
عبد الله ناصر الفوزان
وهذ يضع حدا لمشاركتي بهذا الموضوع وشكرا لجميع من شاركوا بالنقاش وتقبلوا من اعذب التحايا .
الاخ عاطفي بطرا ن : ارجو منك التواصل عبر المسنجر .
__________________
آخر من قام بالتعديل الكوماندو; بتاريخ 19-03-2002 الساعة 01:58 AM.
|